جامع البحر في صيدا

الشيخ عزالدين الكرجيه © البحوث والدراسات الإسلامية


جامع البحر:

جامع البحر هو الجامع المتبقي في صيدا منذ عهد المماليك، ويتأكد الأصل المملوكي للجامع من النص التاريخي الموجود على مدخله الشرقي الذي يدل على أن تاريخ بناءه يعود للعام 775ه/ 1126م.

شُيّد هذا المسجد عام 775هـ/1373م. وشيّده حسن بن سواح كما يظهر على اللوحة المنقوشة فوق المدخل الرئيسي للمسجد، وقد نُقش عليها:

بسم الله الرحمن الرحيم، إنما يعمر مساجد الله من آمن بالله واليوم الآخر. أنشأ هذا المسجد حسن بن سواح، في شهر رمضان المبارك سنة سبعماية وخمس وسبعين هجرية.

غلب اسم جامع البحر، على هذا المسجد، ربما لوقوعه قرب ميناء صيدا، حيث كان المسافرون يؤدون شعائرهم الدينية في هذا المسجد، وكان للمسجد باب رئيس واحد، هو الباب الشرقي الذي يُفضي إلى الميناء.

"أما القسم الغربي من المسجد والمطل على ساحة السمك، فقد كان مدرسة لتعليم القرآن الكريم وتحفيظه يُنفق عليه من أوقاف آل حمود، وكان آخر المشرفين على هذه المدرسة الشيخ عبد المطلب حمود. وبعد وفاة الشيخ عبد المطلب حمود، أُهملت المدرسة، فقام أولاد المرحوم مصطفى بإلحاق المدرسة القرآنية بالمسجد، ودفعوا تكاليف ذلك، من الأموال التي أوقفها والدهم للمدرسة القرآنية".

ويوجد داخل المسجد إلى جهة الغرب لوحة نُقش عليها ثلاثة أبيات من الشعر تدعو لمصطفى حمود، وتحدد تاريخ إلحاق المدرسة بالمسجد عام1329هـ/1911م. وكان إمامه سنة 1913م الشيخ عبد الهادي البساط.

أقسام المسجد:

يتألف المسجد من الأقسام التالية:

الحرم: متوسط المساحة وتتخلله الأعمدة والدعامات الكبيرة الغير متناسقة التي تدل على حدود البناء الذي أُلحق بالمسجد، وهذا البناء الذي أُلحق بالمسجد كان يتألف من عدة غرف، ويتدلى من على منبر المسجد البسيط، علم الصوفية.

وجامع البحر، هو الجامع الثاني بعد الجامع العمري الكبير الذي توجد فيه أعلام الصوفية، وربما يعود ذلك إلى أن خطيب هذا المسجد ولمدة طويلة، كان الشيخ عمر الحلاّق.

وفي هذا المسجد وُلدت جمعية جامع البحر الخيرية برئاسة الشيخ عمر الحلاّق. ومن أهدافها القيام بأعمال الخير ومكافحة التسول، والعمل على تقديم الخدمات الإجتماعية وبناء المؤسسات الإجتماعية للمسلمين.

مدخل المسجد: للمسجد مدخلان:

مدخل شرقي وهو المدخل الأساسي للمسجد، وهو عبارة عن رواق صغير ضيق يُفضي مباشرة إلى الحرم.

مدخل غربي واسع كبير، يُصعد إليه بواسطة درج صغير يؤدي إلى ساحة متوسطة لها بابان، باب واسع يفضي إلى الحرم مباشرة، وباب يؤدي إلى مئذنة الجامع التي تشتهر بأنها أعلى مئذنة في صيدا وذلك قبل بناء مسجد الحريري على مدخل صيدا الشمالي.

تم ترميم هذا الجامع عدة مرات وذلك أمر طبيعي يعود إلى قِدَم إنشائه، فهنالك النص الموجود على المدخل الشرقي للجامع وهو مؤلف من ثلاثة أسطر.

نص رقم 1:

بسم الله الرحمن الرحيم إِنَّمَا يَعْمُرُ مَسَاجِدَ اللهِ مَنْ ءامَنَ بِاللهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ

انشأ هذا المسجد المبارك العبد الفقير إلى الله تعالى حسن بن سوحان

في شهر رمضان المبارك سنة خمس وسبعين وسبعمائة جزاه الله خيراً.

كما نجد نصاً آخر مثبتاً على المدخل الغربي الحديث للجامع وهو مؤلف من أربعة أسطر وموجود على لوحة رخامية مثبتة على جدار المدخل.

نص رقم 2:

إِنَّمَا يَعْمُرُ مَسَاجِدَ اللهِ مَنْ ءامَنَ بِاللهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ وَأَقَامَ الصَّلاَةَ وَءاتَى الزَّكَاةَ وَلَمْ يَخْشَ إِلاَّ اللهَ فَعَسَى أُوْلَئِكَ أَن يَكُونُواْ مِنَ الْمُهْتَدِينَ

إن نفقة بناء هذه المساجد من مال الوقف ما بها أولاد الواقف المرحوم مصطفى آغا حمود نظار الوقف عبد المطلب ومصطفى وأحمد حمود في 1 ربيع الأول الأنور سنة 1329.

كما نجد نصاً آخر موجوداً على لوحة رخامية مثبتة على جدار العامود الضخم الفاصل بين بناء الجامع الأساسي والمدرسة الدينية وهو مؤلف من ثلاثة أسطر ويتخلل الأبيات الشعرية الثلاثة وما بين الشطرين زخرفة هندسية عبارة عن نجمة سداسية وهذا النص هو نص رقم 3:

هي... التقي فقراً واقصدن جامعاً غدا نورا

رتّع الطرف في محاسنه في رياض تجد بها نورا

كان قد عفت مراسمه هجروه فكاد لا يدرى

المرصد من له همم مصطفى للبنا له تترا

فأشاد البنا وجدده وأقام الصلاة والذكرا

زد ثلاثاً به وارخه وجزا الله مصطفى خيرا

سنة 1126

إن عمليات الترميمات الحديثة التي أُجريت على البناء كانت بعد الزلزال الذي تعرضت له صيدا عام 1956 حيث دمرت المئذنة وأُنشئت مئذنة حديثة من الباطون المسلح في الجزء الشمالي الغربي من الجامع وتم إنجازها عام 1963.

وفي عام 1993 جرت عملية ترميم أُخرى من قبل الأوقاف الإسلامية بإشراف لجنة المسجد حيث تم تهذيب الجدران الداخلية وتكحيل الحجارة وكذلك إعادة بناء المراحيض وغرفة الميضأة بالإضافة إلى ترميم الواجهة الغربية وإضافة المدخل الغربي.

وقف جامع البحر، اشتمل على:

دكان الروَّاس، في سوق اللحَّامين، يحده قبلة دكاكين سوق العقَّادين، وشمالاً طريق سالك، وشرقاً دكان سكن علي ضحا، ودكان الطابوني وقف بني النقيب (1261هـ/1845م).

مخزن ودكان واقعين في ساحة الحارة، الكائنين سابقاً قرب قهوة الحاج نجد، يحدهما قبلة دكان وقف بني النقيب، وشرقاً الطريق السالك وفيه باب المخزن وإغلاق الدكان، وشمالاً دكان احمد المجذوب، وغرباً جنينة جامع البحر، تتمة الحدود. الكاديك شركة: عبد القادر ابن السيد طالب البزري الخياط، وبكري ابن الحاج نجد، وشقيقته سعدية، وعلي سنجر.

عليهما للوقف: 25 قرشاً كل سنة (1272هـ/1856م).

حديقة المسجد:

وتقع إلى الجنوب من المسجد، وهي من أكبر الحدائق في مساجد صيدا.

أُنشئت خلف مسجد البحر إلى جهة الجنوب فيها من المقاعد ما يكفي لجلوس أكثر من مئة شخص في آن واحد.