مقام ابا روح في صيدا
مقام أبا روح:
يقع هذا المقام جنوبي مدينة صيدا قرب نهر صغير يُدعى (نهر البرغوث)، ما بين أوتوستراد المدينة الصناعية المؤدي إلى سينيق شرقاً والمدينة الصناعية جنوباً، على مقربة من المسلخ (القديم)، كما يطل من جهة الغرب على البحر، وعلى مزرعة لآل البظان (وقد أُزيلت الآن) من جهة الشمال.
وقد شيّد هذا المقام على العقار رقم (82) من منطقة الدكرمان العقارية، وهو من المقامات التي شُيّدت خارج المناطق السكنية، حيث كانت تحيط به أرض تكثر فيها أشجار الصبير والليمون والنخيل والزيتون. وكانت هذه الأرض قد استخدمت مرابض للجِمال.
ينسب البعض أن هذا المقام يعود إلى الصحابي شبيب بن ذي الكلاع. وقد دُفن في المكان الشيخ عبد الله الخراساني الذي سكن صيدا، وكان يحسن بعض العلوم العقلية ويتعاطى مهنة الطب، وكان له شهرة واسعة بين الصيداويين، ولشهرته في الطبابة واستخدامه العلاج الروحي لُقِّب بأبي روح.
ولقد ورد اسم الصحابي شبيب في كتاب "الحقيقة والمجاز في الرحلة إلى بلاد الشام ومصر والحجاز" للشيخ عبد الغني النابلسي الذي زار صيدا عام 1105هـ/1693م. وهو كتاب سابق بكثير كتاب الشيخ أحمد الزين عن تاريخ صيدا فيقول "ثم ذهبنا إلى زيارة أبي الروح وهو شبيب بن ذي الكلاع أبو روح صحابي مختلف في صحبته، قال صلّيت خلف رسول الله صلى الله عليه وسلم الصبح، فقرأ فيها بالروم، وتردد فيها في آية. أخرجه عمر ابن عبد البر، وهذا مضطرب الإسناد. روى عنه عبد الملك بن عمير، كذا في "أسد الغابة في أخبار الصحابة".
وذكر الحافظ ابن حجر العسقلاني في "الإصابة في أخبار الصحابة" في القسم الرابع من بعد ما ذكر عبارة أسد الغابة قال: قلت المعروف أنه بن أبي روح [أو شبيب بن نعيم أبو روح] الكلاعي الحمصي. هكذا ذكره البخاري وغيره، وبالثاني جزم ابن أبي حاتم وقال أنه حمصي وحاظي، وأنه روى عن أبي هريرة أيضاً، وعن يزيد بن خمير، وروى عنه حريز بن عثمان الرحبي المشرقي وجماعة.
وأما الحديث فأخرجه ابن قانع هكذا وسقط من إسناده رجل. وقد رواه الحفاظ من طريق عبد الملك بن عمير عن شبيب أبي روح، عن رجل له صحبة، ومنهم من سمّاه يعني ذلك الرجل الأغر وتفرد أبو الأشهب بإسقاط الصحابي، فصارت روايته محتملة عند من ذكر شبيباً في الصحابة وهو وهم. انتهى.
فتوجهنا إلى زيارة الولي الصحابي شبيب أبي روح الكلاعي، فركبنا في البحر حتى وصلنا إليه وفرط الأنس لنا داعي. فقلنا في مزاره الشريف ومقامه المنيف:
سقى الله من صيدا مزاراً مُشرفاً
بأسرار غيبٍ في العوالم مشروحِ
أتيناه بحراً فوق جاريةٍ سَرَت
بنا كنسيم هبَّ يلعبُ بالروحِ
شبيب به شبَّ الغرام فساقنا
إليه بقلب من تنائيه مجروحِ
بأنواره الأرواحُ منا تشعشعتْ
وكيف ويُرعى في الأنام أبو روحِ
وقيل أيضاً:
يا ابا الروح كلنا أولادُك
قد اضاءت بالنور منك بلادُك
إنما أنت من صحابة طهَ
سيّد الرُّسل والعبادة زادكْ
أنت صليّت خلفه مثلما قُلْتَ
وعنهُ رَوَيْتَ وهو مُرادُكْ
وشبيبٌ تدعى وأنت الكلاعي
ولقد نالتِ المُنى قُصَّادُكْ
قد أتيناك نبتغي منك أمدَاداً
من الله واسمُهُ أمدادك
فعسى الله أنْ يجود علينا
بالذي منكَ يقتضي ميعادُكْ
عنك رضوانُ ربِّنا أبداً ما
أسعدتنا بالوصلِ منك سعادُكْ
وقد رأينا في مزاره نبعاً شديد البياض مُطبقاً لوح ككأس لُجين خمره مروَّق، فاجتنينا من رشفات فيه حتى قلنا فيه:
وزنبقٍ أبيضٍ في الشطِّ قد بسقتْ
كفوفه البيضُ ضُمَّت منه واتفقتْ
كأنّه قَدَحُ البلّور قام به
كفّ أصابعُهُ ستُّ قَدِ افترقتْ
والطيبُ ينفحُ منه مدَّ ساعِدِه
من الزَّبرْجدِ حتى النفسُ قد عشِقتْ
وقلنا أيضاً في هذا المزار آخر النهار:
لأبي روح الكلاعي
قد دعا للشوقِ داعي
فتوجهنا إليه
بخشوع واتّضاعِ
قبره في روضِ أُنسٍ
جامعٍ للشملِ واعي
وهو بحرٌ شطٌ بحْرٍ
واسعُ أيّ اتساعِ
وصحابيٌ جليلٌ
قد حوى خيرَ المساعي
وبه صيدا أنارتْ
بتناويع الشُعاع
وجلسنا في مكانٍ
قد تسامى بارتفاعِ
ذي شبابك أطلّتْ
جهة البحر المُشاعِ
نحن والصحبُ جميعاً
في كمالٍ وانتفاعِ
وانقضى الوقتُ بخيرٍ
ليس بالوقتِ المُضاع
فدخلنا إلى ذلك المقام وابتهجنا بزيارته مع الإجلال والإكرام. ومكانه مكان لطيف الفناء عذب الماء، وهناك أشجار وأزهار وأسرار وأنوار وعليه قبة معقودة وبهجة مشهودة. فقرأنا له الفاتحة ودعونا الله تعالى بما تيسر من الدعاء وجلسنا هناك حصة من الزمان نحن ومن كان معنا من الإخوان وحصل لنا كمال الصفاء والسرور وغاية النشأة والحضور وقلنا في ذلك، من النظام، عند ذلك المقام: (من الخفيف)
يا أبا الروح أنت للروح روح
حيث عرف الكمال فيك يفوح
قد أتينا نزور منك ضريحاً
طائر السر في ذراه يبوح
مشهد شرق بدا ومقامٌ
كلُّ قلْبٍ بنوره مشروحُ
وجلسنا هناك في حضراتٍ
لاح فيها المنى وبان الفتوحُ
ومياهٌ لطيفةٌ ورياضٌ
تتفيّا خلالهنَّ الطلوح
مع صحبٍ هُمُ الكواكبُ نوراً
عندهم باللقاء تبرا الجروح
لم تزل رحمةُ المهيمن تغدو
نحوَ من ثُمَّ رابضٌ وتروحُ
من قبورٍ للصالحين عظامٍ
طرْفُ من جاءها إليها طموح
ما تمشَّى النسيمُ بين رياضٍ
طيرُها في ذُرى الغصونِ ينوحُ
والأرجح أن المقام يعود إلى الصحابي الجليل شبيب أبي روح الكلاعي، وقد دُفن خارج مدينة صيدا القديمة، كما دُفن خارج صيدا الصحابي شرحبيل بن حسنة. وبعد ذلك قد يكون الشيخ الخراساني الذي زار صيدا أقام في غرف الزيارة المشيدة في أرض المقام، وعُرف بأبي روح لاشتهاره بالطب. وظن أن المقام يعود إليه.
مدخل المقام يعلوه نص كتابي منقوش على لوحة حجرية حيث لا يمكن قراءته بسبب تلف الأحرف من جراء العوامل الطبيعية ومرور الزمن عليه ولكن يمكن قراءة التاريخ التالي (1161م). وداخل المقام نعش فارغ وهو مطلي باللون الأخضر وموجه من الشرق إلى الغرب، ويعلو هذا التابوت شاهد خشبي مطلي باللون الأخضر أيضاً ومغطى بشراشف مختلفة ومن بينها شرشف أخضر وبني، وعليه كتابة دينية: إن الدين عند الله الاسلام.
والمقام هو عبارة عن غرفة مربعة الشكل بقياس (4,70 × 4,70م) مسقوفة بواسطة قبة قطرها 3,15م وتتخللها من الجهة السفلى ثلاث نوافذ مكشوفة لتأمين الإنارة للمقام في الجهات الشرقية والغربية والجنوبية باستثناء الجهة الشمالية وهي صماء.
وقد أُضيفت إلى هذه الغرفة المربعة، غرفة أشبه ما تكون بممر طوله حوالي عشرة أمتار وعرضه 2,35م وأُنشئ محراب على الجدار الجنوبي، مما يؤمن مكاناً صالحاً لتأدية فريضة الصلاة على روح هذا الولي، كما توجد على هذا الجدار نافذة حديدية مقفلة حالياً كانت توضع بداخلها النذور والشموع تبركاً.
يقع هذا المقام جنوبي مدينة صيدا قرب نهر صغير يُدعى (نهر البرغوث)، ما بين أوتوستراد المدينة الصناعية المؤدي إلى سينيق شرقاً والمدينة الصناعية جنوباً، على مقربة من المسلخ (القديم)، كما يطل من جهة الغرب على البحر، وعلى مزرعة لآل البظان (وقد أُزيلت الآن) من جهة الشمال.
وقد شيّد هذا المقام على العقار رقم (82) من منطقة الدكرمان العقارية، وهو من المقامات التي شُيّدت خارج المناطق السكنية، حيث كانت تحيط به أرض تكثر فيها أشجار الصبير والليمون والنخيل والزيتون. وكانت هذه الأرض قد استخدمت مرابض للجِمال.
ينسب البعض أن هذا المقام يعود إلى الصحابي شبيب بن ذي الكلاع. وقد دُفن في المكان الشيخ عبد الله الخراساني الذي سكن صيدا، وكان يحسن بعض العلوم العقلية ويتعاطى مهنة الطب، وكان له شهرة واسعة بين الصيداويين، ولشهرته في الطبابة واستخدامه العلاج الروحي لُقِّب بأبي روح.
ولقد ورد اسم الصحابي شبيب في كتاب "الحقيقة والمجاز في الرحلة إلى بلاد الشام ومصر والحجاز" للشيخ عبد الغني النابلسي الذي زار صيدا عام 1105هـ/1693م. وهو كتاب سابق بكثير كتاب الشيخ أحمد الزين عن تاريخ صيدا فيقول "ثم ذهبنا إلى زيارة أبي الروح وهو شبيب بن ذي الكلاع أبو روح صحابي مختلف في صحبته، قال صلّيت خلف رسول الله صلى الله عليه وسلم الصبح، فقرأ فيها بالروم، وتردد فيها في آية. أخرجه عمر ابن عبد البر، وهذا مضطرب الإسناد. روى عنه عبد الملك بن عمير، كذا في "أسد الغابة في أخبار الصحابة".
وذكر الحافظ ابن حجر العسقلاني في "الإصابة في أخبار الصحابة" في القسم الرابع من بعد ما ذكر عبارة أسد الغابة قال: قلت المعروف أنه بن أبي روح [أو شبيب بن نعيم أبو روح] الكلاعي الحمصي. هكذا ذكره البخاري وغيره، وبالثاني جزم ابن أبي حاتم وقال أنه حمصي وحاظي، وأنه روى عن أبي هريرة أيضاً، وعن يزيد بن خمير، وروى عنه حريز بن عثمان الرحبي المشرقي وجماعة.
وأما الحديث فأخرجه ابن قانع هكذا وسقط من إسناده رجل. وقد رواه الحفاظ من طريق عبد الملك بن عمير عن شبيب أبي روح، عن رجل له صحبة، ومنهم من سمّاه يعني ذلك الرجل الأغر وتفرد أبو الأشهب بإسقاط الصحابي، فصارت روايته محتملة عند من ذكر شبيباً في الصحابة وهو وهم. انتهى.
فتوجهنا إلى زيارة الولي الصحابي شبيب أبي روح الكلاعي، فركبنا في البحر حتى وصلنا إليه وفرط الأنس لنا داعي. فقلنا في مزاره الشريف ومقامه المنيف:
سقى الله من صيدا مزاراً مُشرفاً
بأسرار غيبٍ في العوالم مشروحِ
أتيناه بحراً فوق جاريةٍ سَرَت
بنا كنسيم هبَّ يلعبُ بالروحِ
شبيب به شبَّ الغرام فساقنا
إليه بقلب من تنائيه مجروحِ
بأنواره الأرواحُ منا تشعشعتْ
وكيف ويُرعى في الأنام أبو روحِ
وقيل أيضاً:
يا ابا الروح كلنا أولادُك
قد اضاءت بالنور منك بلادُك
إنما أنت من صحابة طهَ
سيّد الرُّسل والعبادة زادكْ
أنت صليّت خلفه مثلما قُلْتَ
وعنهُ رَوَيْتَ وهو مُرادُكْ
وشبيبٌ تدعى وأنت الكلاعي
ولقد نالتِ المُنى قُصَّادُكْ
قد أتيناك نبتغي منك أمدَاداً
من الله واسمُهُ أمدادك
فعسى الله أنْ يجود علينا
بالذي منكَ يقتضي ميعادُكْ
عنك رضوانُ ربِّنا أبداً ما
أسعدتنا بالوصلِ منك سعادُكْ
وقد رأينا في مزاره نبعاً شديد البياض مُطبقاً لوح ككأس لُجين خمره مروَّق، فاجتنينا من رشفات فيه حتى قلنا فيه:
وزنبقٍ أبيضٍ في الشطِّ قد بسقتْ
كفوفه البيضُ ضُمَّت منه واتفقتْ
كأنّه قَدَحُ البلّور قام به
كفّ أصابعُهُ ستُّ قَدِ افترقتْ
والطيبُ ينفحُ منه مدَّ ساعِدِه
من الزَّبرْجدِ حتى النفسُ قد عشِقتْ
وقلنا أيضاً في هذا المزار آخر النهار:
لأبي روح الكلاعي
قد دعا للشوقِ داعي
فتوجهنا إليه
بخشوع واتّضاعِ
قبره في روضِ أُنسٍ
جامعٍ للشملِ واعي
وهو بحرٌ شطٌ بحْرٍ
واسعُ أيّ اتساعِ
وصحابيٌ جليلٌ
قد حوى خيرَ المساعي
وبه صيدا أنارتْ
بتناويع الشُعاع
وجلسنا في مكانٍ
قد تسامى بارتفاعِ
ذي شبابك أطلّتْ
جهة البحر المُشاعِ
نحن والصحبُ جميعاً
في كمالٍ وانتفاعِ
وانقضى الوقتُ بخيرٍ
ليس بالوقتِ المُضاع
فدخلنا إلى ذلك المقام وابتهجنا بزيارته مع الإجلال والإكرام. ومكانه مكان لطيف الفناء عذب الماء، وهناك أشجار وأزهار وأسرار وأنوار وعليه قبة معقودة وبهجة مشهودة. فقرأنا له الفاتحة ودعونا الله تعالى بما تيسر من الدعاء وجلسنا هناك حصة من الزمان نحن ومن كان معنا من الإخوان وحصل لنا كمال الصفاء والسرور وغاية النشأة والحضور وقلنا في ذلك، من النظام، عند ذلك المقام: (من الخفيف)
يا أبا الروح أنت للروح روح
حيث عرف الكمال فيك يفوح
قد أتينا نزور منك ضريحاً
طائر السر في ذراه يبوح
مشهد شرق بدا ومقامٌ
كلُّ قلْبٍ بنوره مشروحُ
وجلسنا هناك في حضراتٍ
لاح فيها المنى وبان الفتوحُ
ومياهٌ لطيفةٌ ورياضٌ
تتفيّا خلالهنَّ الطلوح
مع صحبٍ هُمُ الكواكبُ نوراً
عندهم باللقاء تبرا الجروح
لم تزل رحمةُ المهيمن تغدو
نحوَ من ثُمَّ رابضٌ وتروحُ
من قبورٍ للصالحين عظامٍ
طرْفُ من جاءها إليها طموح
ما تمشَّى النسيمُ بين رياضٍ
طيرُها في ذُرى الغصونِ ينوحُ
والأرجح أن المقام يعود إلى الصحابي الجليل شبيب أبي روح الكلاعي، وقد دُفن خارج مدينة صيدا القديمة، كما دُفن خارج صيدا الصحابي شرحبيل بن حسنة. وبعد ذلك قد يكون الشيخ الخراساني الذي زار صيدا أقام في غرف الزيارة المشيدة في أرض المقام، وعُرف بأبي روح لاشتهاره بالطب. وظن أن المقام يعود إليه.
مدخل المقام يعلوه نص كتابي منقوش على لوحة حجرية حيث لا يمكن قراءته بسبب تلف الأحرف من جراء العوامل الطبيعية ومرور الزمن عليه ولكن يمكن قراءة التاريخ التالي (1161م). وداخل المقام نعش فارغ وهو مطلي باللون الأخضر وموجه من الشرق إلى الغرب، ويعلو هذا التابوت شاهد خشبي مطلي باللون الأخضر أيضاً ومغطى بشراشف مختلفة ومن بينها شرشف أخضر وبني، وعليه كتابة دينية: إن الدين عند الله الاسلام.
والمقام هو عبارة عن غرفة مربعة الشكل بقياس (4,70 × 4,70م) مسقوفة بواسطة قبة قطرها 3,15م وتتخللها من الجهة السفلى ثلاث نوافذ مكشوفة لتأمين الإنارة للمقام في الجهات الشرقية والغربية والجنوبية باستثناء الجهة الشمالية وهي صماء.
وقد أُضيفت إلى هذه الغرفة المربعة، غرفة أشبه ما تكون بممر طوله حوالي عشرة أمتار وعرضه 2,35م وأُنشئ محراب على الجدار الجنوبي، مما يؤمن مكاناً صالحاً لتأدية فريضة الصلاة على روح هذا الولي، كما توجد على هذا الجدار نافذة حديدية مقفلة حالياً كانت توضع بداخلها النذور والشموع تبركاً.