الدولة العباسية : المستنصر بالله
ترجمته:
هو أبو جعفر المنصور المستنصر باللَّه بن الظاهر.
بويع بالخلافة يوم وفاة والده 14 رجب سنة 623 (11 يوليو سنة 1226) واستمر في الخلافة إلى أن توفي لعشرين خلون من جمادى الآخرة سنة 640 (5 ديسمبر سنة 1243) فكانت خلافته 17 سنة إلا شهراً.
كان المستنصر شهماً جواداً يباري الريح كرماً وجوداً وله الآثار الجليلة في بغداد منها وهي أعظمها المدرسة المستنصرية على شط دجلة من الجانب الشرقي مما يلي دار الخلافة وبنى غيرها من القناطر والخانات والربط ودور الضيافة وكان يقول إني أخاف ألا يثيبني اللَّه على ما أهبه وأعطيه لأن اللَّه تعالى يقول لن تنالوا البر حتى تنفقوا مما تحبون وأنا واللَّه لا فرق عندي بين التراب والذهب.
ولما ولي سلك في الخير والإحسان إلى الناس سيرة أبيه وأمر فنودي ببغداد بإفاضة العدل، وأن من كانت له حاجة أو مظلمة يطالع بها تقضي حاجته وتكشف مظلمته.
وفي عهده توفي ملك المغول الكبير جنكيز خاز سنة 624 وحل محله في بلاد خراسان وما وراءها ابنه تولي خان فوسع مملكته إلى الغرب وأرسل فرقة إلى بلاد أذربيجان فملكتها وأجلت عنها جلال الدين مكبرتي وخافهم أهل أذربيجان خوفاً شديداً ولم يكن أمامهم من يرد غائلتهم بعد جلال الدين الذي لم يجد له نصيراً لأنه وتر الملوك المجاورين له طراً.
قال ابن الأثير تعليقاً على هذه الحال: (فما نرى من ملوك الإسلام من له رغبة في الجهاد ولا نصرة الدين بل كل منهم مقبل على لهوه ولعبه وظلم رعيته وهذا أخوف عندي من العدو قال اللَّه تعالى واتقوا فتنة لا تصيبن الذين ظلموا منكم خاصة).
وكان مقتل جلال الدين في منتصف شوال سنة 628 قتل شريداً طريداً لم يفده هذا الملك العظيم الذي ورثه عن أبيه، وبهلاكه تم للمغول ملك جميع البلاد الفارسية إلى حدود العراق ولم يتهيأ للملوك أن يتفقوا ضد هذا العدو الشديد المراس بل كانوا فيما بينهم مختلفين يغير بعضهم على بعض وعن عدوهم لاهون غافلون. صار العراق ينتظر النكبة منهم من أن لآن وخليفة بغداد مستسلم للحوادث مدل بمركزه الديني.