الدولة العثمانية : السلطان سليمان الثاني

الشيخ عزالدين الكرجيه © البحوث والدراسات الإسلامية


السلطان سليمان خان الثاني ابن السلطان إبراهيم خان 1099 - 1102 هـ
 
بويع هذا السلطان بالخلافة بعد أخيه وعمره 47 سنة وبمجرد جلوسه أمر بصرف هبات الجلوس على أربابها قبل سكون الاضطراب بين الجنود بفكرة إن ذكر يسكن الثائرة.
 
 
استمرار الفتن والارتباكات: 
 
وقد كانت أحوال الدولة في ارتباك بمحاربات النمسا والبنادقة من جهة وثورات اليكجريةالمتزايدة في داخل عاصمة الدولة من الجهة الأخرى وبلغت الجراءة والوقاحة عند هؤلاء الجنود حتى إنهم صاروا يتداخلون في أمور الدولة فيولون من أرادوا ويعزلون من أرادوا.
 
ولما كان فاضل مصطفى باشا القائمقام يسعى في تسكين الاضطراب بكل جهده أرادوا التخلص منه فعينوه محافظاً لبوغاز الدردنيل ونفوا شيخ الإسلام دباغ زاده محمد أفندي وعينوا يكن عثمان باشا سر عسكراً على الرومللي وقتلوا الصدر الأعظم سياوش باشا ونهبوا منزله ولما ارتقى إسماعيل باشا المرعشي لمنصب الصدارة بعده بذل غاية مجهوده في إعادة النظام وتسكين الاضطراب بمساعدة أهالي استانبول الذين تسلحوا وهاجموا اليكجرية وقتلوا منهم جملة فسكن اضطرابهم ولزموا حدهم نوعاً وفي خلال ذلك عادت الدوننما إلى استانبول ودخل الخليج بالرسم المعتاد وخلع السلطان على ضباطها الخلع النفيسة وتعين القبودان باشا محافظاً لأغريبوز وخلفه في رياسة البحرية القبودان قلايلي أحمد باشا وقاد الدوننما لمياه أغريبوز ثم عاد.
 
وكانت النمسا انتهزت فرصة وقوع الاضطرابات المذكورة وأغارت بجيوشها على حدود الدولة واستولت على قلعة أكري وأيوار وأستوني بلغراد وواردين ثم دخلت بلغراد بدون مقاومة تذكر وعند ذلك طلب الصدر الصلح من النمسا فلم تجبه فعزل وخلفه تكفور طاغلي مصطفى باشا ثم خلفه عرب رجب باشا ولم يتمكن رجال الدولة من منع النمسا عن التقدم وقد استولت على قلاع سمندرة ونيش وودين ثم تقدم جندها من جهات أسكوب وشهركوي إلى صوفية واستولت البنادقة أيضاً على أتينة من أعمال اليونان وعلى حوالي بنالوقة وأبزورنيك من أعمال بوسنة.
 
ولما كانت هذه الأحوال موجبة للضعف وناشئة عن عدم كفاءة المأمورين عقد السلطان مجلساً في أدرنة للمداولة فيما يلزم عمله ووجهت الصدارة إلى كويرلي زاده مصطفى باشا 1100 هـ ولقد كان هذا الوزير ورث من أبيه وجده المهارة الحربية والسياسة معاً فلهذا تكللت مساعيه بالنجاح وتمكن من تخليص الدولة من الحالة السيئة التي وصلت إليها.
 
 
نجاح كويرلي فاضل مصطفى باشا: 
 
لما استلم هذا الوزير زمام الإدارة شمر عن ساعد الجد فأظهر ما فطر عليه من الحزم والفطانة وصرف متأخرات الجنود والموظفين ثم التفت إلى الأحوال الداخلية فأحسن نظامها وقوي بنيانها ثم جهز جيشاً عظيماً قاده بنفسه وتقدم به من شهر كوي فاستردنيش ووددين وسمندرة وبلغراد وطارد النمساويين حتى أبعدهم إلى الضفة الأخرى من الطونة وفي تلك الأثناء ساق الروسيون جيشاً عظيماً على بلاد القريم فقابلهم سليم كراي خان بجيشه وهزمهم عند برزخ أورقبو PERE COP) ( وهزمت فرقة جركس أحمد باشا الذي أرسل إلى بلاد الأردل برفقة توكلي بك جيوش النمسا في الجهة المذكورة.
 
وتمكن قو ه خليل باشا الذي تعين واليالمورة من استمالة الروم الذين كانوا يكرهون إدارة البنادقة الكاتوليك واستخلص أولونية وغيرها وقد كانت هذه البشائر من الأسباب التي أنعشت القلوب وقوّت الأمل وشجعت الجنود وفي سنة 1102 هـ توفي السلطان سليمان خان الثاني بأدرنة من مرض اعتراه وكان رحمه الله حليماً تقياً سعيد الطالع تمكن في زمن قليل من إعادة مجد الدولة في أعين أوروبا بعد أن اعتراه الضعف لجهل الوزراء السابقين بأمور السياسة والإدارة.