الدولة العباسية : الطائع لله
ترجمته:
هو أبو الفضل عبد الكريم الطائع للَّه بن المطيع بن المقتدر بن المعتضد ولد سنة317 وبويع له بالخلافة بعد خلع أبيه المطيع (18 أغسطس سنة974) واستمر خليفة إلى أن خلع في21 رجب سنة 381( أكتوبر سنة991)) فكانت مدته 17 سنة وثمانية أشهر وستة أيام.
الأحوال في عهده:
كانت خلافة الطائع والسلطان بالعراق لخمسة من بني بويه وهم:
أولاً:- عز الدولة بختيار بن معز الدولة إلى سنة367.
ثانياً:- عضد الدولة فناخسرو بن ركن الدولة الحسن بن بويه إلى سنة372.
ثالثاً:- صمصام الدولة أبو كاليجار المرزبان بن عضد الدولة إلى سنة376.
رابعاً:- شرف الدولة أبو الفوارس سيرزيل بن عضد الدولة إلى سنة379.
خامساً:- بهاء الدولة أبو نصر فيروز بن عضد الدولة.
ولي الطائع وأمر بختيار مضطرب لأن الأتراك وفي مقدمتهم سبكتكين قد تباعد ما بينهم وبينه وكانت العامة من أهل السنة تنصر سبكتكين لكراهة ما كان عليه بنو بويه من التشيع الشديد الذي كان سبباً لفتنة عظيمة ببغداد بين أهل السنة والشيعة سفكت فيها الدماء وأحرقت الكرخ التي كانت محلة الشيعة وظهر أهل السنة عليهم فكتب بختيار إلى عمه ركن الدولة بأصبهان وإلى ابن عمه عضد الدولة يسألهما أن يساعداه على الأتراك فجهز إليه ركن الدولة جنداً مع وزيره ابن العميد وأما عضد الدولة فكان ميالاً إلى ملك العراق فتربص ببختيار الدوائر كرر إليه بختيار الكتب يستغيث به ويستحثه فلما رأى عضد الدولة أن الأمر قد بلغ ببختيار ما يرجوه سار نحو العراق ظاهره رحمة لبختيار وباطنه إرادة الاستيلاء على العراق فسار إلى واسط ومنها إلى بغداد فتغلب على عساكر الأتراك في 14 جمادى الأولى سنة364 ودخل بغداد ظافراً وكان يريد القبض على بختيار فوسوس إلى جنده أن يثوروا عليه ويشغبوا ويطالبوه بالأموال ففعلوا ولم يكن مع بختيار ما يسكنهم به وأشار عليه عضد الدولة ألا يلتفت إلى شكواهم ويغلظ في معاملتهم ففعل ذلك فاستمر هذا الحال أياماً وحينئذ استدعي بختيار هو وإخوته إليه وقبض عليهم وجمع الناس وأعلمهم استعفاء بختيار عن الإمارة وعجزه عنها ووعد الجنود بالإحسان إليهم وأظهر الخليفة سروره مما تم لأنه كان منافياً لبختيار وقد قابله عضد الدولة بأن أظهر من رسوم الخلافة وتعظيمها ما كان قد نسي وترك وأمر بعمارة دار الخلافة والإكثار من الآلات وعمارة ما يتعلق بالخليفة وحماية أقطاعه.
لم يطل الأمر إلا بمقدار ما توفي ركن الدولة سنة466 فاستولى ابنه عضد الدولة على ملكه بعهد منه وما عتم أن تجهز إلى بغداد وأرسل إلى بختيار يطلب منه الطاعة وأن يسيره عن العراق إلى أي جهة شاء وضمن مساعدته بما يحتاج إليه من مال وسلاح فأجاب بختيار إلى ذلك وسلم إلى عضد الدولة ووزيره الأمير محمد بن بقية ثم سار حتى دخل بغداد وخطب له بها ولم يكن قبل ذلك يخطب لأحد ببغداد وضرب على بابه ثلاث نوب ولم تجر بذلك عادة من تقدمه وأمر بأن يلقى ابن بقية بين قوائم الفيلة لتقتله ففعل به ذلك وصلب على رأس الجسر في شوال سنة376 وهو الذي رثاه أبو الحسين الأنباري بقصيدته المشهورة التي أولها:
علو في الحياة وفي الممات لحق أنت إحدى المعجزات
استقر ملك عضد الدولة بالعراق وما معهما من ملك أبيه ومحمد ثم سار نحو الموصل فملكها وأقام بها مطمئناً وأزال عنها الدولة الحمدانية وبثّ سراياه في طلب أبي تغلب الحمداني فهرب أبو تغلب على وجهه إلى بلاد الروم وفتحت الجنود العضدية جميع ديار بكر وديار ربيعة ثم افتتح ديار مضر إلى الرقة وجعل باقيها في يد سعد الدولة بن سيف الدولة صاحب حلب وبذلك اتسمت أملاك عضد الدولة وصار له العراق والجزيرة والأهواز وفارس والجبال والري ثم دخلت في حوزته جرجان سنة371 أخذها من صاحبها قابوسبن وشمكير.
لم يقم في آل بويه من يماثل عضد الدولة جرأة وإقداماً وكان عاقلاً فاضلاً حسن السياسة والإصابة شديد الهيبة بعيد الهمة ثاقب الرأي محباً للفضائل واهباً باذلاً في موضع العطاء مانعاً في مواضع الحزم ناظراً في عواقب الأمور وهو الذي بنى على مدينة رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وسلم سوراً.
ومما يعد من سيئاته أنه أحدث في آخر أيامه رسوماً جائرة في المساحة والضرائب على بيع الدواب وغيرها من الأمتعة ومنع من عمل الثلج والقز وجعل ذلك متجراً خاصاً وكان يتوصل إلى أخذ المال بكل طريق. توفي عضد الدولة في شوال سنة372.
اجتمع القواد بعد وفاته على بيعة ابنه أبي كاليجار المرزبان الملقب صمصام الدولة وكان إخوته وبنو أعمامه متفوقين في الولايات فأخوه شرف الدولة شيرزيل بفارس وعمه مؤيد الدولة أبو منصور بويه بجرجان.
مكث صمصام الدولة قائماً بأمر العراق واضطراب لاحق من جراء خلاف أخيه شرف الدولة عليه فإنه أظهر مشاقته وقطع خطبته فسير إليه جيشاً كانت عاقبته الهزيمة.
وخرجت عن يده بلاد الموصل استولى عليها الأكراد وعليهم شجاع باذ بن دوستك وهو من الأكراد الحميدية وكان ابتداء أمره أنه كان يغزو كثيراً بثغور ديار بكر وكان عظيم الخلقة وله شدة وبأس فلما ملك عضد الدولة حضر عنده ثم فاته لما تخوف منه وذهب إلى ثغور ديار بكر وأقام بها إلى أن استفحل أمره وقوي ملك ميافارقين وغيرها من ديار بكر بعد موت عضد الدولة ووصل بعض أصحابه إلى نصيبين فاستولى عليها فجهز إليه صمصام الدولة العساكر فانهزمت وقوي أمر باذ وغلب جيوش الديلم ثم سار إلى الموصل فملكها وحدثته نفسه بالاستيلاء على بغداد وإزالة الديلم عنها فخافه صمصام الدولة وأهمه أمره وأعد له جيشاً عظيماً مستوفي العدة فلقوه بظاهر الموصل وهزموه هزيمة منكرة فخرج منها ثم انتهى الحال بالصلح بين الديلم وباذ على أن يكون لباذ ديار بكر والنصف من طور عبدين.
كانت هذه الاضطرابات والمشاغل سبباً لأن شرف الدولة صاحب فارس تجهز يريد الاستيلاء على الأهواز والعراق فسار بجيشه سنة375 فاستولى على الأهواز من يد أخيه أبي الحسن الملقب بتاج الدولة ثم سار إلى البصرة فملكها، بلغ الخبر صمصام الدولة فراسله في الصلح فاستقر الأمر بينهما على أن يخطب لشرف الدولة بالعراق بعد صمصام الدولة ويكون هذا نائباً عنه فصلح الحال واستقام وخطب لشرف الدولة بالعراق وسيرت إليه الخلع من الطائع للَّه فلما وردته الرسل بذلك ليحلفوه عاد عن الصلح وعزم على قصد بغداد والاستيلاء عليها ونفذ تلك العزيمة فلما وصل واسط ملكها فاتسع الخرق على صمصام الدولة وشغب عليه الجند فوقع رأيه على اللحاق بأخيه والدخول في طاعته فسار إليه فقبض عليه شرف الدولة وسار إلى بغداد فدخلها في رمضان سنة376 وانتهت مدة صمصام الدولة بالعراق ومقدارها ثلاث سنين وأحد عشر شهراً.
ومن أحدث هذا البيت في عهد وفاة عمه مؤيد الدولة بويه بن ركن الدولة صاحب جرجان واستيلاء أخيه فخر الدولة علي بن ركن الدولة على بلاده باختيار القواد والوزير الكبير الصاحب بن عباد.
ملك شرف الدولة شيرزيل بغداد بعد صمصام الدولة بسنتين وثمانية أشهر وقد ابتدأ عهده باضطراب وفتن بين جنود الديلم والترك ببغداد أدى إلى قتال بينهم وقد بذل شرف الدولة جهده حتى أزال من بينهم الخصام ومن فضائل شرف الدولة أنه منع الناس من السعايات ولم يقبلها فأمن الناس وسكنوا.
وكانت وفاة شرف الدولة في جمادى الآخرة سنة379.
تولى العراق بعده أخوه بها الدولة أبو نصر. ولأول تولية تجددت الاضطرابات بين الترك والديلم وأدت إلى قتال دام خمسة أيام وانضم بهاء الدولة إلى الأتراك فاشتد الأمر على الديلم ومع ما حصل من الصلح بين الفريقين فإن الديلم قد ضعفت شوكتهم وتغلب الأتراك عليهم. وكانت بينه وبين آل بيته فتن كثيرة بسبب طمعهم فيما بيده من الملك ومحاولتهم سلبه منه ولكنهم أخفقوا.
وفي سنة381 قبض بهاء الدولة على الطائع للَّه وذلك أن الأموال قلت عنده فشغب عليه الجند فأطمعه وزيره في أموال الخليفة وحسن له القبض عليه فأرسل إلى الطائع وسأله الإذن في الحضور ليجدد العهد به فأذن له في ذلك وجلس له كما جرت العادة فدخل إليه بهاء الدولة ومعه عدد كثير فلما دخل قبل الأرض وأجلس على كرسي فدخل بعض الديلم كأنه يريد أن يقبل الخليفة فجذبه فأنزل عن سريره والخليفة يقول إنا للَّه وإنا إليه راجعون ويستغيث فلا يلتفت إليه وأخذ ما في داره من الذخائر.
ولما حمل الطائع إلى دار بهاء الدولة أشهد عليه بالخلع.
أولاً:- عز الدولة بختيار بن معز الدولة إلى سنة367.
ثانياً:- عضد الدولة فناخسرو بن ركن الدولة الحسن بن بويه إلى سنة372.
ثالثاً:- صمصام الدولة أبو كاليجار المرزبان بن عضد الدولة إلى سنة376.
رابعاً:- شرف الدولة أبو الفوارس سيرزيل بن عضد الدولة إلى سنة379.
خامساً:- بهاء الدولة أبو نصر فيروز بن عضد الدولة.
ولي الطائع وأمر بختيار مضطرب لأن الأتراك وفي مقدمتهم سبكتكين قد تباعد ما بينهم وبينه وكانت العامة من أهل السنة تنصر سبكتكين لكراهة ما كان عليه بنو بويه من التشيع الشديد الذي كان سبباً لفتنة عظيمة ببغداد بين أهل السنة والشيعة سفكت فيها الدماء وأحرقت الكرخ التي كانت محلة الشيعة وظهر أهل السنة عليهم فكتب بختيار إلى عمه ركن الدولة بأصبهان وإلى ابن عمه عضد الدولة يسألهما أن يساعداه على الأتراك فجهز إليه ركن الدولة جنداً مع وزيره ابن العميد وأما عضد الدولة فكان ميالاً إلى ملك العراق فتربص ببختيار الدوائر كرر إليه بختيار الكتب يستغيث به ويستحثه فلما رأى عضد الدولة أن الأمر قد بلغ ببختيار ما يرجوه سار نحو العراق ظاهره رحمة لبختيار وباطنه إرادة الاستيلاء على العراق فسار إلى واسط ومنها إلى بغداد فتغلب على عساكر الأتراك في 14 جمادى الأولى سنة364 ودخل بغداد ظافراً وكان يريد القبض على بختيار فوسوس إلى جنده أن يثوروا عليه ويشغبوا ويطالبوه بالأموال ففعلوا ولم يكن مع بختيار ما يسكنهم به وأشار عليه عضد الدولة ألا يلتفت إلى شكواهم ويغلظ في معاملتهم ففعل ذلك فاستمر هذا الحال أياماً وحينئذ استدعي بختيار هو وإخوته إليه وقبض عليهم وجمع الناس وأعلمهم استعفاء بختيار عن الإمارة وعجزه عنها ووعد الجنود بالإحسان إليهم وأظهر الخليفة سروره مما تم لأنه كان منافياً لبختيار وقد قابله عضد الدولة بأن أظهر من رسوم الخلافة وتعظيمها ما كان قد نسي وترك وأمر بعمارة دار الخلافة والإكثار من الآلات وعمارة ما يتعلق بالخليفة وحماية أقطاعه.
لم يطل الأمر إلا بمقدار ما توفي ركن الدولة سنة466 فاستولى ابنه عضد الدولة على ملكه بعهد منه وما عتم أن تجهز إلى بغداد وأرسل إلى بختيار يطلب منه الطاعة وأن يسيره عن العراق إلى أي جهة شاء وضمن مساعدته بما يحتاج إليه من مال وسلاح فأجاب بختيار إلى ذلك وسلم إلى عضد الدولة ووزيره الأمير محمد بن بقية ثم سار حتى دخل بغداد وخطب له بها ولم يكن قبل ذلك يخطب لأحد ببغداد وضرب على بابه ثلاث نوب ولم تجر بذلك عادة من تقدمه وأمر بأن يلقى ابن بقية بين قوائم الفيلة لتقتله ففعل به ذلك وصلب على رأس الجسر في شوال سنة376 وهو الذي رثاه أبو الحسين الأنباري بقصيدته المشهورة التي أولها:
علو في الحياة وفي الممات لحق أنت إحدى المعجزات
استقر ملك عضد الدولة بالعراق وما معهما من ملك أبيه ومحمد ثم سار نحو الموصل فملكها وأقام بها مطمئناً وأزال عنها الدولة الحمدانية وبثّ سراياه في طلب أبي تغلب الحمداني فهرب أبو تغلب على وجهه إلى بلاد الروم وفتحت الجنود العضدية جميع ديار بكر وديار ربيعة ثم افتتح ديار مضر إلى الرقة وجعل باقيها في يد سعد الدولة بن سيف الدولة صاحب حلب وبذلك اتسمت أملاك عضد الدولة وصار له العراق والجزيرة والأهواز وفارس والجبال والري ثم دخلت في حوزته جرجان سنة371 أخذها من صاحبها قابوسبن وشمكير.
لم يقم في آل بويه من يماثل عضد الدولة جرأة وإقداماً وكان عاقلاً فاضلاً حسن السياسة والإصابة شديد الهيبة بعيد الهمة ثاقب الرأي محباً للفضائل واهباً باذلاً في موضع العطاء مانعاً في مواضع الحزم ناظراً في عواقب الأمور وهو الذي بنى على مدينة رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وسلم سوراً.
ومما يعد من سيئاته أنه أحدث في آخر أيامه رسوماً جائرة في المساحة والضرائب على بيع الدواب وغيرها من الأمتعة ومنع من عمل الثلج والقز وجعل ذلك متجراً خاصاً وكان يتوصل إلى أخذ المال بكل طريق. توفي عضد الدولة في شوال سنة372.
اجتمع القواد بعد وفاته على بيعة ابنه أبي كاليجار المرزبان الملقب صمصام الدولة وكان إخوته وبنو أعمامه متفوقين في الولايات فأخوه شرف الدولة شيرزيل بفارس وعمه مؤيد الدولة أبو منصور بويه بجرجان.
مكث صمصام الدولة قائماً بأمر العراق واضطراب لاحق من جراء خلاف أخيه شرف الدولة عليه فإنه أظهر مشاقته وقطع خطبته فسير إليه جيشاً كانت عاقبته الهزيمة.
وخرجت عن يده بلاد الموصل استولى عليها الأكراد وعليهم شجاع باذ بن دوستك وهو من الأكراد الحميدية وكان ابتداء أمره أنه كان يغزو كثيراً بثغور ديار بكر وكان عظيم الخلقة وله شدة وبأس فلما ملك عضد الدولة حضر عنده ثم فاته لما تخوف منه وذهب إلى ثغور ديار بكر وأقام بها إلى أن استفحل أمره وقوي ملك ميافارقين وغيرها من ديار بكر بعد موت عضد الدولة ووصل بعض أصحابه إلى نصيبين فاستولى عليها فجهز إليه صمصام الدولة العساكر فانهزمت وقوي أمر باذ وغلب جيوش الديلم ثم سار إلى الموصل فملكها وحدثته نفسه بالاستيلاء على بغداد وإزالة الديلم عنها فخافه صمصام الدولة وأهمه أمره وأعد له جيشاً عظيماً مستوفي العدة فلقوه بظاهر الموصل وهزموه هزيمة منكرة فخرج منها ثم انتهى الحال بالصلح بين الديلم وباذ على أن يكون لباذ ديار بكر والنصف من طور عبدين.
كانت هذه الاضطرابات والمشاغل سبباً لأن شرف الدولة صاحب فارس تجهز يريد الاستيلاء على الأهواز والعراق فسار بجيشه سنة375 فاستولى على الأهواز من يد أخيه أبي الحسن الملقب بتاج الدولة ثم سار إلى البصرة فملكها، بلغ الخبر صمصام الدولة فراسله في الصلح فاستقر الأمر بينهما على أن يخطب لشرف الدولة بالعراق بعد صمصام الدولة ويكون هذا نائباً عنه فصلح الحال واستقام وخطب لشرف الدولة بالعراق وسيرت إليه الخلع من الطائع للَّه فلما وردته الرسل بذلك ليحلفوه عاد عن الصلح وعزم على قصد بغداد والاستيلاء عليها ونفذ تلك العزيمة فلما وصل واسط ملكها فاتسع الخرق على صمصام الدولة وشغب عليه الجند فوقع رأيه على اللحاق بأخيه والدخول في طاعته فسار إليه فقبض عليه شرف الدولة وسار إلى بغداد فدخلها في رمضان سنة376 وانتهت مدة صمصام الدولة بالعراق ومقدارها ثلاث سنين وأحد عشر شهراً.
ومن أحدث هذا البيت في عهد وفاة عمه مؤيد الدولة بويه بن ركن الدولة صاحب جرجان واستيلاء أخيه فخر الدولة علي بن ركن الدولة على بلاده باختيار القواد والوزير الكبير الصاحب بن عباد.
ملك شرف الدولة شيرزيل بغداد بعد صمصام الدولة بسنتين وثمانية أشهر وقد ابتدأ عهده باضطراب وفتن بين جنود الديلم والترك ببغداد أدى إلى قتال بينهم وقد بذل شرف الدولة جهده حتى أزال من بينهم الخصام ومن فضائل شرف الدولة أنه منع الناس من السعايات ولم يقبلها فأمن الناس وسكنوا.
وكانت وفاة شرف الدولة في جمادى الآخرة سنة379.
تولى العراق بعده أخوه بها الدولة أبو نصر. ولأول تولية تجددت الاضطرابات بين الترك والديلم وأدت إلى قتال دام خمسة أيام وانضم بهاء الدولة إلى الأتراك فاشتد الأمر على الديلم ومع ما حصل من الصلح بين الفريقين فإن الديلم قد ضعفت شوكتهم وتغلب الأتراك عليهم. وكانت بينه وبين آل بيته فتن كثيرة بسبب طمعهم فيما بيده من الملك ومحاولتهم سلبه منه ولكنهم أخفقوا.
وفي سنة381 قبض بهاء الدولة على الطائع للَّه وذلك أن الأموال قلت عنده فشغب عليه الجند فأطمعه وزيره في أموال الخليفة وحسن له القبض عليه فأرسل إلى الطائع وسأله الإذن في الحضور ليجدد العهد به فأذن له في ذلك وجلس له كما جرت العادة فدخل إليه بهاء الدولة ومعه عدد كثير فلما دخل قبل الأرض وأجلس على كرسي فدخل بعض الديلم كأنه يريد أن يقبل الخليفة فجذبه فأنزل عن سريره والخليفة يقول إنا للَّه وإنا إليه راجعون ويستغيث فلا يلتفت إليه وأخذ ما في داره من الذخائر.
ولما حمل الطائع إلى دار بهاء الدولة أشهد عليه بالخلع.