الدولة العباسية : ال العباس
البيت العباسي:
عبد المطلب بن هاشم بن عبد مناف بقي عقبه من كثير من أولاده، ولكن العدد الأكبر والجمهور العظيم كان من ولديه العباس وأبي طالب.
العباس بن عبد المطلب:
أمه نتيلة بنت جناب بن كليب من النمر بن قاسط إحدى قبائل ربيعة بن نزار، ولد قبل حادث الفيل بثلاث سنين، فهو أسن من رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وسلم بثلاث سنين.
وأعقب من الولد الفضل وهو أكبر أولاده وكان يكنى، وعبد اللَّه وعبيد اللَّه وعبد الرحمن وقثم ومعبد وأم حبيبة، وأمهم جميعاً لبابة بنت الحارث بن حزن من بني هلال بن عامر من قيس عيلان.
وليس للفضل وعبد الرحمن وقثم وكثير وتمام عقب.
العباس بن عبد المطلب:
أمه نتيلة بنت جناب بن كليب من النمر بن قاسط إحدى قبائل ربيعة بن نزار، ولد قبل حادث الفيل بثلاث سنين، فهو أسن من رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وسلم بثلاث سنين.
وأعقب من الولد الفضل وهو أكبر أولاده وكان يكنى، وعبد اللَّه وعبيد اللَّه وعبد الرحمن وقثم ومعبد وأم حبيبة، وأمهم جميعاً لبابة بنت الحارث بن حزن من بني هلال بن عامر من قيس عيلان.
وليس للفضل وعبد الرحمن وقثم وكثير وتمام عقب.
وعقب العباس من سواهم، ولا سيما من عبد اللَّه فإنه هو الذي انتشر منه عقب العباس، وهو جد الخلفاء العباسيين.
عبد اللَّه بن العباس:
هو ثاني ولد العباس بن عبد المطلب.
ولد قبل الهجرة بسنتين، فكانت سنة حين توفي رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وآله وسلم ثلاث عشرة سنة.
وعبد اللَّه هو الذي نما من نسله البيت العباسي لأن إخوته لم يكن لهم نسل باق.
وعبد اللَّه هو الذي نما من نسله البيت العباسي لأن إخوته لم يكن لهم نسل باق.
وعقب عبد اللَّه الذي نما إنما هو ولده علي بن عبد اللَّه بن العباس.
علي بن عبد اللَّه بن العباس:
ولد ليلة قتل علي بن أبي طالب سنة 40 من الهجرة، فسمي باسمه وكني بكنيته أبي الحسن. وقد أقطعه بنو أمية قرية اسمها الحميمة بالشراة وهي صقع بالشام في طريق المدينة من دمشق بالقرب من الشويك وهو من إقليم البلقاء فأقام بها وفيها ولد أكثر أولاده، وكانت وفاته سنة117.
وأعقب على اثنين وعشرين ولداً ذكراً وإحدى عشرة أنثى. وذكور أولاده هم محمد وداود وعيسى وسليمان وصالح أحمد وبشر ومبشر وإسماعيل وعبد الصمد وعبد اللَّه الأكبر وعبيد اللَّه وعبد الملك وعثمان وعبد الرحمن وعبد اللَّه الأصغر ويحيى وإسحاق ويعقوب وعبد العزيز وإسماعيل الأصغر وعبد اللَّه الأوسط. ستة منهم لا عقب لهم والباقون أعقبوا كثيراً.
وأعقب على اثنين وعشرين ولداً ذكراً وإحدى عشرة أنثى. وذكور أولاده هم محمد وداود وعيسى وسليمان وصالح أحمد وبشر ومبشر وإسماعيل وعبد الصمد وعبد اللَّه الأكبر وعبيد اللَّه وعبد الملك وعثمان وعبد الرحمن وعبد اللَّه الأصغر ويحيى وإسحاق ويعقوب وعبد العزيز وإسماعيل الأصغر وعبد اللَّه الأوسط. ستة منهم لا عقب لهم والباقون أعقبوا كثيراً.
ومنهم انتشر البيت العباسي وكثر جداً وبيت الخلافة في محمد أكبر أولاده.
محمد بن علي:
هو والد إبراهيم الإمام وأبي العباس السفاح وأبي جعفر المنصور الذين هم مبدأ الخلافة العباسية.
وهو الذي ابتدأت الدعوة على يديه، وكان ذلك في حياة أبيه علي، ولكن لم يكن لأبيه ذكر في هذه الدعوة.
كيف نشأت فكرة الخلافة في بني العباس:
توفي رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وسلم وليس يؤثر عنه خبر مكشوف فيمن يتولى خلافة المسلمين بعده، وكان العباس بن عبد المطلب قد أشار على علي بن أبي طالب أن يدخل على رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وآله وسلم وهو مريض فيسأله عن الخلافة بعده فإن كانت فيهم وإلا أوصى بهم من سيكون خليفة. فامتنع من ذلك علي قائلاً: إنه إن منعنا إياها لا ننالها أبداً.
عاش علي والعباس في عهد أبي بكر، ثم بايعا عمر لما عهد إليه أبو بكر بالخلافة وظلا مدة حياته محترمين مطيعين، إلى أن استخلف ثالث الخلفاء عثمان بن عفان بعد مناظرات طويلة بين رجال الشورى الذين عهد إليهم عمر اختيار الخليفة من بعده.
وفي أواخر خلافة عثمان توفي العباس بن عبد المطلب تاركاً عقباً كثيراً أشهرهم عبد اللَّه بن عباس وهو ثاني أولاده.
بعد مضي ست سنوات من خلافة عثمان، وجدت حركة في بعض النفوس تتجه إلى نقل الخلافة من عثمان بن عفان إلى علي بن أبي طالب.
ألفت وفود غوغاء من الأمصار الثلاثة، ممن تأثر بهذه الفتن فذهبت إلى المدينة، فأشكاهم عثمان من جميع ما شكوا منه، ولانَ لهم جداً حتى لا يوجد لهم سبيلاً إلى الفتنة، فأظهروا الاقتناع وأزمعوا الرحيل إلى أوطانهم، وبعد أيام عادت هذه الغوغاء متمسكة بكتاب مزور زعموه صادراً من عثمان إلى عامله بمصر يأمره فيه بقتل رجال الوفد من المصريين عقاباً لهم وتنكيلاً، والكتاب مختوم بخاتم عثمان.
عاش علي والعباس في عهد أبي بكر، ثم بايعا عمر لما عهد إليه أبو بكر بالخلافة وظلا مدة حياته محترمين مطيعين، إلى أن استخلف ثالث الخلفاء عثمان بن عفان بعد مناظرات طويلة بين رجال الشورى الذين عهد إليهم عمر اختيار الخليفة من بعده.
وفي أواخر خلافة عثمان توفي العباس بن عبد المطلب تاركاً عقباً كثيراً أشهرهم عبد اللَّه بن عباس وهو ثاني أولاده.
بعد مضي ست سنوات من خلافة عثمان، وجدت حركة في بعض النفوس تتجه إلى نقل الخلافة من عثمان بن عفان إلى علي بن أبي طالب.
ألفت وفود غوغاء من الأمصار الثلاثة، ممن تأثر بهذه الفتن فذهبت إلى المدينة، فأشكاهم عثمان من جميع ما شكوا منه، ولانَ لهم جداً حتى لا يوجد لهم سبيلاً إلى الفتنة، فأظهروا الاقتناع وأزمعوا الرحيل إلى أوطانهم، وبعد أيام عادت هذه الغوغاء متمسكة بكتاب مزور زعموه صادراً من عثمان إلى عامله بمصر يأمره فيه بقتل رجال الوفد من المصريين عقاباً لهم وتنكيلاً، والكتاب مختوم بخاتم عثمان.
فلما أروه إياه حلف لهم أنه ما كتبه ولا أمر بكتابته، وهو صادق في يمينه، فاتهموا بذلك كاتبه مروان بن الحكم وطلبوا منه أن يسلمهم إياه فأبى فأعلنوا العداء وصرحوا بما في أنفسهم من الشر، وحصروا عثمان في دراه مدة ثم اقتحموا عليه داره وقتلوه ظلماً وعدواناً ففتحوا على المسلمين باب فتنة وانقسام لا يغلقه مرور الزمان ولا كر الأيام.
بعد أن تم لهم ما أرادوا عرضوا الخلافة على علي بن أبي طالب فقبلها بعد تردد. أمضى رحمه اللَّه حياته في حرب مخالفيه في البصرة والنهروان وصفين، ولم تصف له الخلافة يوماً واحداً إلى أن اغتاله أحد الخوارج في رمضان سنة40 من الهجرة في حاضرة خلافته وهي الكوفة.
لما قتل رحمه اللَّه رأت الشيعة أن يقوم في الخلافة مقامه ابنه الحسن، وقد رأى رضي اللَّه عنه بثاقب فكره أن يتنازل عن الخلافة مفضلاً جمع كلمة المسلمين والسكنى بطيبة مدينة رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وسلم، وأقام على ذلك حتى توفي بها سنة 50 من الهجرة.
وظل معاوية يسوس الناس بما عرف عنه من لين العريكة وسخاوة اليد، فاجتمعت الأمة على طاعته والرضا به.
أدلى معاوية بالخلافة لابنه يزيد، فلما تولاها هبت أعاصير الفتنة في المدينة ومكة والكوفة. فأما المدينة فثارت تطلب عزل يزيد وتولى زمام الثورة بعض أبناء الأنصار ولكن هذه الثورة قمعت بشدة مسلم بن عقبة المري الذي أوقع بأهلها وقعة الحرة المشهورة، وأما مكة فلاذ بها عبد اللَّه بن الزبير طالباً الخلافة لنفسه.
وأما الكوفة فإن من بها من الشيعة أرسلوا يطلبون إليهم الحسين بن علي شقيق الحسن ليبايعوه بالخلافة وينزعوا من أعناقهم بيعة يزيد، فلم يكن من الحسين إلا أن لبى دعوتهم مع علمه بتاريخهم مع أخيه وأبيه، وسار إليهم من غير جند يركن إليه ولا مال يستعين به. فقابلته ببعض الطريق جنود عبد اللَّه بن زياد عامل يزيد بالعراق وكلها جنود عراقية ليس بها أحد من أهل الشام، فلم يكن له قبل بمدافعتهم وقتل رحمة اللَّه بكربلاء.
انتهت هذه الحوادث ومات يزيد، وعظم أمر ابن الزبير ودخل في دعوته أهل الحجاز ومصر والعراق.
أما محمد بن علي فإنه بايع عبد الملك بن مروان بعد أن استقر الأمر له وقضى على فتنة ابن الزبير ودانت له الأقاليم الإسلامية كلها، ومع قيامه بهذه البيعة لم تزل له شيعة تراه أحق بالخلافة إلا أنه مغلوب على أمره، حتى إنه لما مات غلا فيه بعضهم فأنكر موته.
-1 اضطربت أفكار الشيعة بعد موت محمد بن علي فمنهم من استمر على ولائه وقال بغيبته ورجعته كما قلنا، ومنهم من تولى بعده ابنه أبا هاشم، ويقال لهذا الفريق والذي قبله الكيسانية؛ ينسبون إلى كيسان وهو لقب للمختار بن أبي عبيد.
-2 ومنهم من تولى بعد الحسين ابنه علياً المعروف بزين العابدين وهو ممن بايع يزيد بن معاوية وعبد الملك بن مروان ولم يعرف عنه أنه طلب الخلافة لنفسه، قال هؤلاء إن الخلافة محصورة في أولاد علي من فاطمة رضي اللَّه عنها.
كان أكبر ولد العباس في ذلك الوقت علي بن عبد اللَّه بن عباس وهو الذي انتشر منه العباسيون، وكان قد فارق الحجاز وأقام بالحميمة التي أقامه بها بنو أمية والتي أنزله بها الوليد بن عبد الملك.
بعد أن تم لهم ما أرادوا عرضوا الخلافة على علي بن أبي طالب فقبلها بعد تردد. أمضى رحمه اللَّه حياته في حرب مخالفيه في البصرة والنهروان وصفين، ولم تصف له الخلافة يوماً واحداً إلى أن اغتاله أحد الخوارج في رمضان سنة40 من الهجرة في حاضرة خلافته وهي الكوفة.
لما قتل رحمه اللَّه رأت الشيعة أن يقوم في الخلافة مقامه ابنه الحسن، وقد رأى رضي اللَّه عنه بثاقب فكره أن يتنازل عن الخلافة مفضلاً جمع كلمة المسلمين والسكنى بطيبة مدينة رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وسلم، وأقام على ذلك حتى توفي بها سنة 50 من الهجرة.
وظل معاوية يسوس الناس بما عرف عنه من لين العريكة وسخاوة اليد، فاجتمعت الأمة على طاعته والرضا به.
أدلى معاوية بالخلافة لابنه يزيد، فلما تولاها هبت أعاصير الفتنة في المدينة ومكة والكوفة. فأما المدينة فثارت تطلب عزل يزيد وتولى زمام الثورة بعض أبناء الأنصار ولكن هذه الثورة قمعت بشدة مسلم بن عقبة المري الذي أوقع بأهلها وقعة الحرة المشهورة، وأما مكة فلاذ بها عبد اللَّه بن الزبير طالباً الخلافة لنفسه.
وأما الكوفة فإن من بها من الشيعة أرسلوا يطلبون إليهم الحسين بن علي شقيق الحسن ليبايعوه بالخلافة وينزعوا من أعناقهم بيعة يزيد، فلم يكن من الحسين إلا أن لبى دعوتهم مع علمه بتاريخهم مع أخيه وأبيه، وسار إليهم من غير جند يركن إليه ولا مال يستعين به. فقابلته ببعض الطريق جنود عبد اللَّه بن زياد عامل يزيد بالعراق وكلها جنود عراقية ليس بها أحد من أهل الشام، فلم يكن له قبل بمدافعتهم وقتل رحمة اللَّه بكربلاء.
انتهت هذه الحوادث ومات يزيد، وعظم أمر ابن الزبير ودخل في دعوته أهل الحجاز ومصر والعراق.
أما محمد بن علي فإنه بايع عبد الملك بن مروان بعد أن استقر الأمر له وقضى على فتنة ابن الزبير ودانت له الأقاليم الإسلامية كلها، ومع قيامه بهذه البيعة لم تزل له شيعة تراه أحق بالخلافة إلا أنه مغلوب على أمره، حتى إنه لما مات غلا فيه بعضهم فأنكر موته.
-1 اضطربت أفكار الشيعة بعد موت محمد بن علي فمنهم من استمر على ولائه وقال بغيبته ورجعته كما قلنا، ومنهم من تولى بعده ابنه أبا هاشم، ويقال لهذا الفريق والذي قبله الكيسانية؛ ينسبون إلى كيسان وهو لقب للمختار بن أبي عبيد.
-2 ومنهم من تولى بعد الحسين ابنه علياً المعروف بزين العابدين وهو ممن بايع يزيد بن معاوية وعبد الملك بن مروان ولم يعرف عنه أنه طلب الخلافة لنفسه، قال هؤلاء إن الخلافة محصورة في أولاد علي من فاطمة رضي اللَّه عنها.
كان أكبر ولد العباس في ذلك الوقت علي بن عبد اللَّه بن عباس وهو الذي انتشر منه العباسيون، وكان قد فارق الحجاز وأقام بالحميمة التي أقامه بها بنو أمية والتي أنزله بها الوليد بن عبد الملك.
وقد ظهرت فكرة انتقال الخلافة إلى ولد العباس منذ علي هذا، ويقال إن السبب في ذلك أن أبا هاشم بن محمد بن علي بن أبي طالب لما حانت منيته كان مقيماً بالحميمة عند بني عمه فأدلى بنصيبه من الخلافة إلى علي هذا وأولاده وأوصى أولياءه به فصارت الشيعة الكيسانية في جانب علي بن عبد اللَّه بن عباس.
أما بقية الشيعة فإنهم بعد وفاة علي زين العابدين افترقت بهم الطرق فمنهم من تولى بعده ابنه محمداً الباقر زاعمين أنه الإمام بعد أبيه. ومنهم من قال إن الخلافة حق لكل فاطمي اتصف بصفات العلم والشجاعة والسخاء، ومن هؤلاء من قام بمساعدة زيد بن علي بن الحسين، وهم المعروفون بالشيعة الزيدية.
والذين حاولوا الوصول إلى الخلافة وانتزاعها من بني أمية هم الشيعة الكيسانية الذين ساعدوا علي بن عبد اللَّه، والشيعة الزيدية الذين ساعدوا زيداً وابنه يحيى.
وكانت وفاة علي بن عبد اللَّه ومحمد الباقر في زمن متقارب بالحميمة، فانتقل ولاء الكيسانية إلى محمد بن علي بن عبد اللَّه بن عباس لأن أباه أوصى إليه وانتقل ولاء الإمامية إلى جعفر الصادق بن محمد الباقر، ولم يفعل أنصار الأئمة شيئاً ليرجعوا الخلافة إلى ذوي الحق فيها حسب رأيهم.
أما الشيعة الزيدية فقد دعاهم إلى النصر زيد بن علي فقاموا بنصرته حيث خرج بالكوفة طالباً الخلافة، إلا أن بني أمية لم تكن قد ظهرت فيهم العيوب التي أودت بحياتهم بعد؛ فسرعان ما انتصروا على زيد وأطفأوا ثورته وقتلوه وصلبوه، وثار بعده ابنه يحيى فكانت خاتمته خاتمة أبيه.
أما محمد بن علي بن عبد اللَّه بن عباس فهو يعسوب القوم وذو العقل الراجح فيهم، فإنه رأى أنه نقل السلطان من بيت إلى بيت لا بد أن يسبق بإعداد أفكار الأمة إلى هذا النقل وأن كل محاولة فجائية لا بد أن تكون عاقبتها الفشل، فرأى أن يسير في المسألة بالأناة المصحوبة بالحزم فعهد إلى شيعته أن يؤلفوا منهم دعاة يدعون الناس إلى ولاية أهل البيت بدون أن يسموا أحداً خوفاً من بني أمية أن يقضوا على المدعو إليه إذا عرف، ورأوا أن أحسن منطقة يبثون فيها الدعوة هي الكوفة وبلاد خراسان.
وقد كان محمد بن علي بن عبد اللَّه قال لدعاته حين أراد توجيههم إلى الأمصار
عليكم بخراسان، فإن هناك العدد الكثير والجلد الظاهر وهناك صدور سليمة وقلوب فارغة لم تتقسمها الأهواء.
أما بقية الشيعة فإنهم بعد وفاة علي زين العابدين افترقت بهم الطرق فمنهم من تولى بعده ابنه محمداً الباقر زاعمين أنه الإمام بعد أبيه. ومنهم من قال إن الخلافة حق لكل فاطمي اتصف بصفات العلم والشجاعة والسخاء، ومن هؤلاء من قام بمساعدة زيد بن علي بن الحسين، وهم المعروفون بالشيعة الزيدية.
والذين حاولوا الوصول إلى الخلافة وانتزاعها من بني أمية هم الشيعة الكيسانية الذين ساعدوا علي بن عبد اللَّه، والشيعة الزيدية الذين ساعدوا زيداً وابنه يحيى.
وكانت وفاة علي بن عبد اللَّه ومحمد الباقر في زمن متقارب بالحميمة، فانتقل ولاء الكيسانية إلى محمد بن علي بن عبد اللَّه بن عباس لأن أباه أوصى إليه وانتقل ولاء الإمامية إلى جعفر الصادق بن محمد الباقر، ولم يفعل أنصار الأئمة شيئاً ليرجعوا الخلافة إلى ذوي الحق فيها حسب رأيهم.
أما الشيعة الزيدية فقد دعاهم إلى النصر زيد بن علي فقاموا بنصرته حيث خرج بالكوفة طالباً الخلافة، إلا أن بني أمية لم تكن قد ظهرت فيهم العيوب التي أودت بحياتهم بعد؛ فسرعان ما انتصروا على زيد وأطفأوا ثورته وقتلوه وصلبوه، وثار بعده ابنه يحيى فكانت خاتمته خاتمة أبيه.
أما محمد بن علي بن عبد اللَّه بن عباس فهو يعسوب القوم وذو العقل الراجح فيهم، فإنه رأى أنه نقل السلطان من بيت إلى بيت لا بد أن يسبق بإعداد أفكار الأمة إلى هذا النقل وأن كل محاولة فجائية لا بد أن تكون عاقبتها الفشل، فرأى أن يسير في المسألة بالأناة المصحوبة بالحزم فعهد إلى شيعته أن يؤلفوا منهم دعاة يدعون الناس إلى ولاية أهل البيت بدون أن يسموا أحداً خوفاً من بني أمية أن يقضوا على المدعو إليه إذا عرف، ورأوا أن أحسن منطقة يبثون فيها الدعوة هي الكوفة وبلاد خراسان.
وقد كان محمد بن علي بن عبد اللَّه قال لدعاته حين أراد توجيههم إلى الأمصار
عليكم بخراسان، فإن هناك العدد الكثير والجلد الظاهر وهناك صدور سليمة وقلوب فارغة لم تتقسمها الأهواء.
تأليف الجمعية السرية للدعوة العباسية:
ابتدأ تأليف هذه الجمعية وعلي بن عبد اللَّه بن عباس حي لم يمت بعد لأنها ابتدأت في أول القرن الثاني وعلي لم يمت إلا سنة117 على قول وسنة114 على قول.
وكان الخليفة من بني أمية إذ ذاك عمر بن عبد العزيز بن مروان، وكانت تتألف من كثير من الدعاة والرؤساء.
وجعل للدعوة مركزان أحدهما بالكوفة التي اعتبرت نقطة المواصلات وأقيم فيها ميسرة مولى علي بن عبد اللَّه.
وجعل للدعوة مركزان أحدهما بالكوفة التي اعتبرت نقطة المواصلات وأقيم فيها ميسرة مولى علي بن عبد اللَّه.
والثاني بخراسان التي هي محل الدعوة الحقيقي، ووجه إليه محمد بن خنيس وأبو عكرمة السراج، واختير من الدعاة اثنا عشر نقيباً وهم:
(1) سليمان بن كثير الخزاعي
(2) مالك بن الهيثم الخزاعي
(3) طلحة بن زريق الخزاعي
(4) عمرو بن أعين الخزاعي
(5) عيسى بن أعين الخزاعي
(6) قحطبة بن شبيب الطائي
(7) لاهز بن قريظ التميمي
(8) موسى بن كعب التميمي
(9) القاسم بن مجاشع التميمي
(10) أبو داود خالد بن إبراهيم الشيباني
(11) أبو علي الهروي شبل بن طهمان الحنفي
(12) عمران بن إسماعيل المعيطي
واختار سبعين رجلاً ليكونوا مؤتمرين بأمر هؤلاء، وكتب إليهم محمد بن علي كتاباً ليكون لهم مثالاً وسيرة يسيرون بها.
وقد ظل رجال الدعوة يشتغلون بها من مفتتح القرن الثاني إلى سنة132، وهي السنة التي تم فيها النجاح وبويع فيها لأبي العباس السفاح.
وهذه المدة تنقسم إلى قسمين:
(1) سليمان بن كثير الخزاعي
(2) مالك بن الهيثم الخزاعي
(3) طلحة بن زريق الخزاعي
(4) عمرو بن أعين الخزاعي
(5) عيسى بن أعين الخزاعي
(6) قحطبة بن شبيب الطائي
(7) لاهز بن قريظ التميمي
(8) موسى بن كعب التميمي
(9) القاسم بن مجاشع التميمي
(10) أبو داود خالد بن إبراهيم الشيباني
(11) أبو علي الهروي شبل بن طهمان الحنفي
(12) عمران بن إسماعيل المعيطي
واختار سبعين رجلاً ليكونوا مؤتمرين بأمر هؤلاء، وكتب إليهم محمد بن علي كتاباً ليكون لهم مثالاً وسيرة يسيرون بها.
وقد ظل رجال الدعوة يشتغلون بها من مفتتح القرن الثاني إلى سنة132، وهي السنة التي تم فيها النجاح وبويع فيها لأبي العباس السفاح.
وهذه المدة تنقسم إلى قسمين:
الأول عصر الدعوة المحضة الخالية عن استعمال القوة وذلك قبل أن ينضم إلى القوة أبو مسلم الخراساني، وذلك في الوقت الذي كانت فيه الدولة الأموية فيه متماسكة القوى لم ينقسم فيها البيت المالك على نفسه ولم تحصل العصبية القومية بين جند هذه الدولة بخراسان، وذلك نحو27 سنة.
والعصر الثاني عصر استعمال القوة مع الدعوة حينما تهيأت الأسباب الداعية إلى ذلك.