الدولة العباسية : القادر بالله

الشيخ عزالدين الكرجيه © البحوث والدراسات الإسلامية


ترجمته:
 
هو أبو العباس أحمد القادر باللَّه ابن إسحاق بن المقتدر بن المعتضد وأمه أم ولد اسمها دمنة بويع بالخلافة في12 رمضان سنة381(3 أكتوبر سنة991) واستمر خليفة إلى أن توفي في غاية ذي الحجة سنة422(18 ديسمبر سنة1031) فكانت مدته41 سنة وثلاثة أشهر وعشرين يوماً.
 
 
معاصرو القادر من الملوك:
 
كان الخليفة بالأندلس هشام بن الحكم الملقب بالمؤيد إلى سنة399 ثم خلفه محمد المهدي بن عبد الجبار بن عبد الرحمن الناصر إلى سنة403 وقد ثار عليه سليمان المستعين بن الحكم بن سليمان بن عبد الرحمن الناصر فأخذ منه قرطبة وكانت بينهما خطوب إلى أن قتل المهدي وانتهت مدة المستعين 408 ثم كانت البلاد الأندلسية ميدان النزاع بين أعقاب الأمويين والعلويين من ذرية إدريس بن عبد اللَّه فكانت الحال هناك في اضطراب يشبه ما كان في الشرق ويزيد عليه.

وكان الأمير بإفريقية من آل زيري النائبين عن الدولة الفاطمية المنصور بن يوسف بلكين إلى سنة 386 ثم ابنه باديس إلى سنة406 ثم المعز بن باديس إلى سنة453 وكان الخليفة بمصر والشام من الدولة الفاطمية العزيز بالله نزال إلى سنة376 ثم ابنه الحاكم بأمر اللَّه منصور إلى سنة 411 ثم ابنه الظاهر لإعزاز دين اللَّه سنة 427. وفي عهده ابتدأت الدولة النجاحية بزبيد على أطلال الدولة الزيادية وكان ابتداؤها على يد المؤيد نجاح سنة412 وهو مولى موالي آل زياد وأصله عبد حبشي سمت به همته إلى أن تولى ملك تهامة اليمن وعاد إليها وقد استمر ملكها فيه وفي أعقابه إلى سنة554 وهذا ثبتهم:

(1) المؤيد نجاح (412-452)

(2) فترة على الداعي الصليحي (452-473)

(3) سعيد الأحوال بن نجاح (473-482)

(4) جياش بن نجاح (482-498)

(5) فاتك بن جياش ( 498-503)

(6) منصور بن فاتك 503-517)

(7) فاتك بن منصور (517-531)

(8) فاتك بن محمد بن فاتك(531-554)

وانتقل الملك عنهم إلى الدولة المهدية وسيأتي حديثها إذ ذاك.

أما الجزيرة الفراتية وما إليها من حوض الفرات فكانت منقسمة إلى ثلاث إمارات وهي ديار ربيعة وحاضرتها الموصل وديار بكر وحاضرتها آمد وديار مضر وحاضرتها الرقة

ففي عهد القادر ظهرت الدولة العقيلية التي أسسها أبو الذواد محمد بن المسيب بن رافع بن مقلد العقيلي بالموصل ولم يكن له تمام الاستقلال بل كان معه نائب من قبل بهاء الدولة الديلمي إلا أن النفوذ الفعلي كان لأبي الذواد ولم يزل كذلك حتى توفي سنة286 فخلفه أخوه حسام الدولة المسيب بن المقلد. وكان الاتفاق أن يتولى الموصل والكوفة والقصر والجامعين ولم يزل يليها إلى أن قتل سنة 391 فخلفه ولده أبو المنيع معتمد الدولة قراوش بن المقلد ومن أهم حوادثه السياسية أنه خطب للحاكم بأمر اللَّه العلوي صاحب مصر بأعماله كلها وهي الموصل والأنبار والمدائن والكوفة وغيرها وكان ابتداء الخطبة بالموصل الحمد للَّه الذي انجلت بنوره غمرات العصب وانهدت بقدرته أركان النصب واطلع بنوره شمس الحق من العرب فأرسل القادر باللَّه القاضي أبا بكر بن الباقلاني شيخ الأشعرية ببغداد إلى بهاء الدولة يعرفه ذلك فأكرم بهاء الدولة القاضي وكتب إلى نائبه ببغداد يأمره أن يسير لحرب قرواش فسار عميد الجيوش لحربه ولما علم بذلك أرسل يعتذر وأعاد خطبة القادر باللَّه.

وقد استمرت هذه الدولة العربية بالموصل إلى سنة489 وانتهت على يد السلاجقة كما انتهت الدولة الديلمية وهذا ثبت ملوكها:

(1) حسام الدولة المقلد بن المسيب (386-391)

(2) معتمد الدولة قرواش بن المقلد (391-442)

(3) زعيم الدولة أبو كامل بركة بن المقلد (442-443)

(4) علم الدولة أبو المعالي قرواش بن بدران بن المقلد (443-453)

(5) شرف الدولة أبو المكارم مسلم بن قرواش (453-478)

(6) إبراهيم بن قرواش 478-486)

(7) علي بن مسلم بن قرواش (486-489)

وفي ديار بكر ظهرت دولة الأكراد من آل مروان على يد مؤسسها أبي علي الحسين بن مروان قام بالأمر سنة380 بعد خاله باذ الذي قدمنا حديثه وضبط ديار بكر أحسن ضبط وأحسن إلى أهلها وألان جانبه لهم ثم تزوج ست الناس بنت سيف الدولة ولم يكن ملكاً إلى أن قتل سنة387 فخلعه أخوه ممهد الدولة أبو منصور بن مروان إلى أن قتل سنة402 فتولى بعده أخوه أبو نصر نصر الدولة أحمد بن مروان وهو واسطة عقد آل مروان فإن أيامه طالت وأحسن السيرة جداً وكان مقصوداً من العلماء في كافة الأقطار فكثروا ببلاده وممن قصده أبو عبد اللَّه الكازروتي وعنه انتشر مذهب الشافعي رحمه اللَّه بديار بكر وقصده الشعراء فأجزل مواهبهم ويبقى كذلك إلى سنة453 وكانت الثغور معه آمنة وسيرته في رعيته أحسن سيرة وولى ابنه نظام الدولة نصر إلى سنة472 ثم منصور بن نصر إلى سنة489 وعلى يده انتهت دولتهم بملك آل سلجوق لها.

أما ديار مصر فقد استولى عليها لأول عهد القادر بكجور الذي كان والياً على دمشق للعزيز باللَّه الفاطمي خليفة مصر وفي سنة387 عزله عنها فتوجه إلى الرقة فاستولى عليها وعلى الرحبة وما يجاورها ثم راسل بهاء الدولة ملك العراق في الانضمام إليه وكاتب أيضاً باذ الكردي والمتغلب على ديار بكر وكذلك راسل سعد الدولة بن سيف الدولة صاحب حلب بأن يعود إلى طاعته ويعطي مدينة حمص كما كانت له فلم يجبه واحد منهم إلى شيء فبقي بالرقة يراسل جماعة من مماليك سعد الدولة ويستميلهم فأجابوه وحينئذ أغرى العزيز باللَّه نزاراً صاحب مصر على قصد حلب فأجابه وأرسل إليه العساكر تتصرف بأمره ولكنه لم ينجح لأن سعد الدولة استعان عليه بوالي انطاكية الرومي وبالعرب الذين مع بكجور فكانت النتيجة فشل بكجور وقتله ثم سار سعد الدولة إلى الرقة فاستولى عليها من وزير بكجور وأخذ أولاد بكجور وأمواله ثم أن سعد الدولة هلك بعقب ذلك فأرسل أهل الرحبة إلى بهاء الدولة يطلبون إليه أن ينفذ من يتسلم بلدهم فأنفذ لهم أميراً تسلمها ولم يتمكن من الاستيلاء على الرقة ولم تمكث الحال على ذلك كثيراً فإن البلاد انتقلت إلى حوزة العلويين من أصحاب مصر وصاحب يخطب لهم بالرقة والرحبة إلا أن سلطانهم كان اسمياً والنفوذ إلى رؤساء القبائل المضرية فكان فيها أولاد أبو علي بن ثمال الخفاجي ثم استولى عليها عيسى بن خلاط العقيلي ثم صار أمرها إلى صالح بن مرداس الكلابي وكان محسناً للرعية ويدعو للعلويين.

أما حلب فكان السلطان بها لأول عهد القادر باللَّه لسعد الدولة بن سيف الدولة بن حمدان وكان قد عصي عليه بكجور الذي تقدم ذكره وهو أحد مماليك أبيه وغزاه من الرقة بعساكر خليفة مصر العلوي ولكنه لم يفز وقتل كما قدمنا وتسبب عن ذلك أن سعد الدولة أراد أن يأخذ دمشق ليأخذها من يد العزيز بالله فمات عقب خروجه سنة382 وعهد لابنه أبي الفضائل وأوصى به لؤلؤاً أحد مماليك أبيه سيف الدولة فلما توفي سعد الدولة قام ابنه مقامه وأخذ له لؤلؤ العهد على الأجناد.

كان خليفة مصر لا يزال يتطلع إلى الاستيلاء على حلب فسير إليها جيشاً من دمشق عليه منجوتكين أحد أمرائه ولما كانت عساكره كثيرة ولا قبل للؤلؤ بمقاومتها استنجد بملك الروم بسيل فأرسل إلى نائبه بأنطاكية يأمره أن ينجد أبا الفضائل فسار إليه بحلب حتى نزل على الجسر الجديد بالعاصي. ولما سمع منجوتكين الخبر سار إلى الروم ليقابلهم قبل اجتماعهم بأبي الفضائل وعبر إليهم العاصي وأوقع بهم وقعة شنيعة وسار إلى أنطاكية فنهب بلدهم وقراها وأحرقها. وأنفذ أبو الفضائل إلى بلد حلب فنقل ما فيه من الغلال وأحرق الباقي أضراراً بعساكر مصر. وعاد منجوتكين إلى حلب فحصرها فأرسل لؤلؤ إلى رؤساء المصريين يبذل لهم مالاً ليردوا منجوتكين عنهم هذه السنة بعلة تعذر الأقوات ففعلوا ذلك وكان منجوتكين قد ضجر من الحرب فأجابهم وعاد إلى دمشق ولكن ذلك لم يعجب العزيز باللَّه وكتب بإعادة الكرة على حلب وأرسل الأقوات من مصر إلى طرابلس بحراً ومنها إلى العسكر فنازل المصريون حلب وأقاموا عليه ثلاثة عشر شهراً فقلت الأقوات بحلب وعاد لؤلؤ إلى مراسلة ملك الروم متعضداً به وقال متى أخذت حلب أخذت أنطاكية وعظم عليك الخطب فجاء ملك الروم منجداً له فلما علم منجوتكين بقرب وروده سار عن حلب فجاء ملك الروم فنزل عليها وخرج إليه أبو الفضائل ولؤلؤ ثم سار بسيل إلى الشام ففتح حمص وشيزر ونهبها وسار إلى طرابلس فنازلها فامتنعت عليه وأقام عليها نيفاً وأربعين ليلة ولما أيس منها عاد إلى بلاده، ولما علم العزيز بتلك الأخبار عظم الأمر عليه ونادى في الناس بالنفير لغزو الروم فحال موته دون ذلك.

لم يزل الأمر لأبي الفضائل حتى سنة 402 حيث غزاه صالح بن مرداس الكلابي وكان السلطان الحقيقي في حلب للؤلؤ وكان يخطب باسم الحاكم بأمر اللَّه العلوي بمقتضى اتفاق عقد بين الطرفين بعد الحوادث المتقدمة.

وفي سنة414 اتفق ثلاثة من أمراء العرب وهم حسان أمير طيىء وصالح بن مرداس أمير بني كلاب وسنان بن عليان على أن يكون من حلب إلى عانة لصالح بن مرداس ومن الرملة إلى مصر لحسان ودمشق لسنان. فقصد صالح حلب فاستولى عليها من يد عامل المصريين وكان الحلبيون يحبون صالحاً لإحسانه إليهم ولسوء سيرة أمراء العلويين معهم فملك من بعلبك إلى عانة وأقام بحلب ست سنين وفي سنة420 جهز الظاهر صاحب مصر جيشاً سيره إلى الشام لقتال صالح وحسان وكان مقدم الجيش أبو شتكين البربري والالتقاء عند طبرية فقتل في الموقعة صالح وابنه ونجا ولده أبو كامل نصر بن صالح فجاء إلى حلب وملكها وكان يقلب بشبل الدولة وقد استمرت الدولة المرداسية بحلب إلى سنة472 وهذا ثبت ملوكها:

(1) صالح بن مرداس (414-420)

(2) شبل الدولة أبو كامل نصر (420-429)

(3) الفاطميون( 429-434)

( 4) معز الدولة أبو علوان طمل بن صالح (434-449)

(5) الفاطميون (449-452)

(6) رشيد الدولة محمود بن شبل الدولة (452-453)

(7) معز الدولة ( ثانياً ) (453-454)

(8) أبو ذؤابة عطية بن صالح (454-454)

(9) رشيد الدولة ( ثانية) (454-468)

(10) جلال الدولة نصر بن رشيد الدولة (468-468)

(11) أبو الفضل سابق بن رشيد الدولة (468-482)

وهذا آخرهم وقد انتهى أمرهم على يد الدولة العقيلية التي تقدم ذكرها.

وفي سنة384 لما ثارت الفتن والقلاقل بالبلاد الخراسانية رأى الأمير نوح بن منصور أن يكل أمرها إلى سبكتكين ليكسر من جناح قواده الذين جاهروا بعصيانه فكتب إليه وهو بغزنة يطلعه على الأحوال ويأمره بالمسير إليه لينجده وولاه خراسان فأجاب إلى ذلك سبكتكين وجمع العساكر وحشدها ولما بلغ قائدي نوح الخبر وهما فائق وأبو علي بن سيمجور راسلاً فخر الدولة بن بويه يستنجدانه ويطلبان منه عسكراً فأجابهما إلى ذلك وسير إليهما عسكراً كثيراً وكانت الواقعة بين هذين الجيشين بنواحي هراة فكان الظفر لسبكتكين ثم سار نحو نيسابور التي انهزم إليها أبو علي وفائق فلما علما بالخبر سارا نحو جرجان واستولى نوح بن منصور بمعونة سبكتكين وجيشه على خراسان فولاه محمود بن سبكتكين وسماه سيف الدولة ولقب أباه ناصر الدولة فأحسن السيرة وأقام محمود بنيسابور وعاد نوح إلى بخارى وسبكتكين إلى هراة.

لما علم أبو علي بمبارحة سبكتكين ونوح نيسابور طمع في استردادها فقدم إليها ومعه فائق فخرج إليهما محمود وقاتلهما ولما كانت رجاله قليلة لم تمكنه المقاومة فانهزم عنهما قاصداً أباه فلما استقر هذا الخبر عند سبكتكين جمع الجند وأتى ممداً لابنه فتقابلت جنوده مع جنود أبي علي بنواحي طوس فانهزم أبو علي هزيمة منكرة ولم يرتفع له بعد ذلك ذكر وصفت خراسان لسبكتكين.

وفي سنة387 توفي سبكتكين بعد بلخ وغزنة ودفن بغزنة بعد ملك دام عشرين سنة وكان عادلاً خيراً كثير الجهاد ذا مروءة تامة وحسن ووفاء وعهد بالملك من بعده لابنه إسماعي. وكان أصغر من أخيه محمود فاستضعف الجند وأرسل إليه محمود من نيسابور يقول له إن أباك إنما عهد إليك لبعدي عنه وذكره ما يتعين من تقديم الكبير على الصغير ويطلب منه الوفاق وإنفاذ ما يخصه من تركة أبيه فلم يفعل وكان ذلك داعياً إلى أن محموداً قصده بغزنة واستولى عليها ولكنه عامل أخاه معاملة كريمة ولما تم له أمر غزنة واستقام له الملكعاد إلى بلخ ومحمود هذا هو ثالث آل سبكتكين وواسط عقدهم لقبه الخليفة القادر بيمين الدولة. 

وكانت هناك بعض مناوشات بينه وبين قواد السامانية انتهت بالنصر والتمكين له في خراسان فأزال عنها اسم السامانية وخطب للقادر باللَّه سنة389 وجعل أخاه نصراً قائداً لجند نيسابور وسار هو إلى بلخ فاتخذها دار ملك له واتفق أصحاب الأطراف على طاعته.

كان عهد محمود عهد ارتفاع وقوة فوسع أملاكه فقد كانت في الأصل بلاد غزنة ثم ضم بلاد الغور وهي جبال ووديان بين هراة وغزنة وأكبر ما فيها قلعة يقال لها فيروزكوه. ثم أدخل جزءاً عظيماً من بلاد الهند تحت سلطانه حتى وصل إلى قشمير فأسلم صاحبها على يده وأسلم كذلك كثير من ملوك الهند وقد عبر نهر الكنج في فتوحاته. ومن الجهة الأخرى ضمت إليه خراسان والري والجبال ودانت له ملوك طبرستان وجرجان ولم يزل في عزه وسلطانه إلى أن أدركته الوفاة سنة421 عهد بالملك من بعده لابنه محمد وكان أصغر من مسعود ولقب بجلال الدولة إلا أن ذلك لم يرق لأخيه مسعود فسار إليه وأخذ الملك منه وتوفي القادر باللَّه والملك في آل سبكتكين لمسعود بن سبكتكين وقد استمرت الدولة في أعقاب هذا البيت إلى سنة582 وهذا ثبت ملوكها.

(1) سبكتكين (366-387)

(2) إسماعيل بن سبكتكين (387-388)

(3) يمين الدولة محمود بن سبكتكين( 388-421)

(4) جلال الدولة محمد بن محمود (421-421)

(5) ناصر دين اللَّه مسعود (421-432)

(6) شهاب الدولة مودود بن مسعود (432-440)

(7) مسعود بن مودود (440-440)

(8) بهاء الدولة أبو الحسن علي بن مسعود بن محمود (440-444)

(9)عز الدولة عبد الرشيد بن محمود (444-444)

(10) جمال الدولة فزحزاد بن مسعود بن محمود (444-451)

(11) ظهير الدولة إبراهيم بن عبد الرشيد (451-492)

(12) علاء الدولة مسعود بن إبراهيم 492-508)

(13) كمال الدولة شيرزاد بن مسعود (508-509)

(14) سلطان الدولة أرسلان بن مسعود (509-512)

(15) يمين الدولة بهرام شاه بن مسعود (512-547)

(16) معز الدولة خسرو شاه بن بهرام شاه (547-555)

(17) تاج الدولة خسرو ملك بن خسرو شاه (555-582)

وكان انقضاء هذه الدولة على يد الدولة الغورية.

كان بجرجان من الدولة الزيادية شمس المعالي قابوس بن وشمكير إلى سنة 403 ثم فلك المعالي متوجهر بن بستون بن وشمكير إلى سنة 420 ثم أنوشروان بن قابوس إلى سنة434 وهو الذي انتهى على يده ملك أهل بيته على يد الدولة الغزنوية.

أما السلطان ببلاد العراق فكان لأربعة ملوك من آل بويه يتلو أحدهم الآخر.
 
الأول بهاء الدولة أبو نصر عضد الدولة وهو الذي ولى القادر الخلافة وكان عهده عهد اضطراب بينه وبين أهل بيته فأضعف ذلك من سلطانه وآذن البيت كله بالانحلال وكانت وفاته سنة 403 وكان في سلطانه العراق والأهواز وفارس وكرمان.

الثاني سلطان الدولة أبو شجاع بن بهاء الدولة ولم يكن عهده أحسن من عهد أبيه بل كان عهد ضعف واستكانة فإن جنده ما كانوا يطيعونه وكثيراً ما شغبوا عليه يطلبون منه طلبات لا يقدر عليها وكان ذلك سبباً لقيام أخيه وهو:

الثالث شرف الدولة أبو علي بن بهاء الدولة قام على أخيه وانتزع منه ملك العراق فخطب له ببغداد في آخر المحرم سنة 412 ونفي سلطان الدولة عن العراق فذهب إلى بلاد فارس وضبطها ثم اصطلح الأخوان على أن يكون لشرف الدولة العراق ولسلطان الدولة فارس وكرمان إلا أن مدة سلطان الدولة لم تطل فإنه توفي سنة 415 بشيراز وخلفه ابنه أبو كاليجار وفي ربيع الأول سنة 416 توفي شرف الدولة وكان كثير الخير قليل الشر عادلاً حسن السيرة.

الرابع جلال الدولة أبو طاهر بن بهاء الدولة خطب له ببغداد بعد وفاة أخيه وكان إذ ذاك بالبصرة والياً عليها وطلب إلى بغداد فلم يصعد إليها وإنما بلغ واسطاً وأقام بها ثم عاد إلى البصرة فقطعت خطبته لابن أخيه أبي كاليجار بن سلطان الدولة الذي كان صاحب الأهواز وكان بها وراسله الجند في ذلك فوعدهم أن يجيء ولكنه تأخر لما كان بينه وبين عمه أبي الفوارس صاحب كرمان من الحرب فازدادت الفتن ببغداد لعدم السلطان وكثر شر الأتراك بها ولما رأى ذلك عقلاء القوم راسلوا جلال الدولة ليصعد إليهم فيملك أمرهم وخطبوا باسمه في جمادى الأولى سنة 418 فما عتم أن صعد إليهم وملك أمرهم ولكن لم يكن عنده من المال ما يضمن راحتهم وراحته فكثر الشغب عليه من الجند وأتراك بغداد حتى كادوا يخلعونه وكان ينازعه أخوه أبو كاليجار. وانتهت مدة القادر باللَّه وهما على ذلك النزاع.

لم يكن للخليفة القادر باللَّه شيء من السلطان كمن مضى في عهد سلاطين ابن بويه إلا أن ضعف البيت الملك أحيا له شيئاً من الكلمة والنفوذ وكان فيه من خلال الخير ما يساعد على ذلك فقد كان حليماً كريماً خيراً يحب الخير وأهله ويأمر به وينهى عن الشر ويبغض أهله وكان حسن الاعتقاد صنف كتاباً على مذهب أهل السنة والجماعة وكان يخرج من داره في زي العامة ويزور قبور الصالحين وإذا وصل إليه حال أمر فيه بالحق.

وكان في زمنه أحداث عظام في جميع الأصقاع الإسلامية من قيام دول وإبادة أخرى وكلها تهتف على منابرها باسمه وتتقلد الولايات منه إلا ما كان من البلاد التي تحت يد الدولة المضرية فإنها كانت تخطب باسم أئمتها ومع ذلك فإن المعز بن باديس صاحب المغرب والقيروان دعا باسم القادر على منابر بلاده.
 
 
وفاته:
 
توفي القادر باللَّه في ذي الحجة سنة 432 وعمره ست وثمانون سنة وعشرة أشهر وخلافته 41 سنة وثلاثة أشهر وعشرون يوماً.