الدولة العباسية : المنتصر
ترجمته:
هو محمد المنتصر المتوكل بن المعتصم بن الرشيد وأمه أم ولد روميه أسمها حبشية ولد سنة 222 وعقد له أبوه ولاية العهد سنة 253 وسنه ثلاث عشرة سنة.
ولما قتل أبوه بايعه قواد الأتراك عقيب مقتله في4شوال سنة 247 (11 ديسمبر سنة 861) واستمر خليفة إلى أن توفي يوم الأحد لخمس خلون من شهر ربيع الآخر سنة 248 (7 يونيو سنة 862) فكانت مدته التي تعجلها بقتل أبيه ستة أشهر.
وزراء الدولة:
استوزر المنتصر أحمد بن الخصيب وكان كاتبه قبل أن يستخلف وكان مقصراً في صناعته مطعوناً عليه في عقله وكانت فيه مروءة وحدة وطيش فمن احتمله بلغ منه ما أراد وقد وصفه المسعودي بأنه كان قليل الخير كثير الشر وقد ندم المنتصر على ما فعل من تقليده الوزارة ونفيه عبيد اللَّه بن خاقان وزير أبيه بسبب ما شاع من حدة ابن الخطيب وطيشه.
الجيش:
بقتل المتوكل واستيلاء المنتصر الشاب زادت الأتراك قوة في الدولة على قوتهم لأن أيديهم امتدت إلى حياة الخلفاء فقتلوا الخليفة وساقوا الخلافة إلى خليفة فأنشبوا أظفارهم بذلك في جسم الدولة ولم يكن هناك من حيلة للتخلص منهم لما دب إلى قلوب الخلفاء من الهيبة ورعاية جانبهم ومما يدل على ذلك أن الأتراك لم يكونوا يحبون أن تكون ولاية العهد للمعتز والمؤيد ابني المتوكل فأشاروا على المنتصر بخلعهما فأحضرا دار الخلافة وطلب منهما أن يكتبا طالبين أن يخلعا من ولاية العهد لضعفهما عن ذلك فرضي المؤيد وأبي المعتز فقال له المؤيد: يا جاهل تراهم قد نالوا من أبيك وهو هو ما نالوا ثم تمتنع عليهم، اخلع ويلك ولا تراجعهم.
وما زال به حتى أجاب وكتبا ما أملي عليهما في ذلك.
فانظروا كيف كان عجز الخليفة عن أن يرد مشورة لهم تخالف ما عقده المتوكل وأكده بالإيمان والمواثيق والعهود.
فانظروا كيف كان عجز الخليفة عن أن يرد مشورة لهم تخالف ما عقده المتوكل وأكده بالإيمان والمواثيق والعهود.
وقد كتب المنتصر بذلك إلى الآفاق وظهر في كتابه براءة المنشئين في ذلك الوقت وإن لم تظهر فيه براعة الأخلاق الفاضلة وحفظ العهود والمواثيق وكان الكاتب له أحمد بن الخصيب.
صفات المنتصر:
لئن كان الغضب قد حمل المنتصر على تذليل السبيل لإهراق دم أبيه فإنه كان لا يزال ذا نفس تحس فتتأثر فلم يزل يلاقي أهوال التوبيخ في يقظته ومنامه حتى أسقم ذلك بدنه وأذل نفسه.
دخل عليه عبد اللَّه بن عمر البازيار ذات يوم وهو يبكي وينتحب فسأله عن سبب بكائه فقال: كنت نائماً فرأيت كأن المتوكل قد جاءني فقد لي ويلك يا محمد قتلتني وظلمتني وغبنتي خلافتي واللَّه لا تمتعت بعدي إلا أياماً يسيرة ثم مصيرك إلى النار فانتبهت وما أملك عيني ولا جزعي. فهون عليه عبد اللَّه الآمر.
وفاة المنتصر:
قال الطبري: لم أزل أسمع الناس حين أفضت إليه الخلافة من لدن ولي إلى أن مات يقولون إنما مدة حياته ستة أشهر مدة شيرويه بن كسرى قاتل أبيه مستفيضاً ذلك على ألسن العامة والخاصة وكذلك كان فقد أصابته العلة التي قضت عليه يوم الخميس لخمس بقين من شهر ربيع الأول سنة248 ومات مع العصر من يوم الأحد لخمس ليال خلون من شهر ربيع الآخر.