صيدا واسمها

الشيخ عزالدين الكرجيه © البحوث والدراسات الإسلامية


صيدا وإسمها:

اختلف المؤرخون في اسم مدينة صيدا، منهم من نسبها إلى صيدون بن صدقاء بن كنعان بن حام بن نبي الله نوح عليه السلام.

وهذا ما أشار إليه العهد القديم (التوراة) وبهذا القول أخذ مؤرخوا العرب وجغرافيوهم، وقد عرف الكنعانيون قديماً بالصيدونيين.

وهذا ما نقله ابن العديم في كتابه تاريخ حلب عن كتاب جماهير أنساب اليمن، أن معاوية بن أبي سفيان رضي الله عنه سأل شيخاً كبيراً في السن فأجابه بما تقدم.

وذكر ابن عساكر في تاريخ دمشق بالسند أن سليمان بن أبي كريمة الصيداوي نظر عموداً مكتوباً عليه كلمات، فلم يعرف قراءتها، وبعد مدة تعلم اليونانية فقرأ المكتوب على العامود فإذا عليه: بنى صيدا صيدون بن سام بن نوح وهي رابع مدينة بنيت بعد الطوفان.

قال ابن القطامي سميت بصيدون ابن صدقا بن كنعان بن حام بن نوح عليه السلام وهو أول من عمرها وسكنها.

ولكثرة مائها وأشجارها أطلق عليها العرب اسم إربل، أي من الربل أي كثرة الأشجار.

تعتبر مدينة صيدا حاضرة جنوب لبنان، ومركزه العلمي والحضاري، وهي مدينة قديمة، ومواكبة لمسيرة التاريخ القديم والحديث، وقد أنجبت عددا كبيراً من العلماء، وقد قال ياقوت الحموي في معجم البلدان: صَيداءُ: بالفتح، ثم السكون، والدال المهملة، والمد، وأهله (البلد) يقصرونه، وما أظنه إلاّ لفظة أعجمية إلا أن أصلها في كلام العرب على سبيل الاشتراك، قال أبو منصور: الصيداء: حجر أبيض يعمل منه البِرام جمع بُرمة، وقال النضر: الصيداء: الأرض التي تربتها أجزاة غليظة الحجارة مستوية الأرض، وقال الشاعر الشماخ:

حذاها من الصيداء نعلاً طراقها ** حَوامِي الكُراع المُؤيدات العشاوز

أي: حذاها حرة نعالها الصخور، وهي مدينة على ساحل بحر الشام شمال شرقي صور بينهما ستة فراسخ، وقالوا: سميت بصيدون بن صدقاء بن كنعان بن حام بن نوح عليه السلام. قال هشام، عن أبيه إنما سميت صيداءُ التي بالشام بصيدون بن صدقاءَ بن كنعان بن حام بن نوح عليه السلام.

وطول صيداء تسع وخمسون درجة وثلث، وعرضها ثلاث وثلاثون درجة وثلثان، وهي في الإقليم الرابع، قال الزجاجي: اشتقاقها من الصَيد يقال: رجل أصيدُ، وامرأة صيداءُ، وهو ميل في العنق من داء، وربما فعل ذلك الرجل كِبراً.

يقول الإدريسي في كتاب نزهة المشتاق في اختراق الآفاق: ومن مدينة دمشق إلى بيروت يومان كبيران، ومنها إلى مدينة صيداء مثل ذلك، ومن دمشق إلى طرابلس الساحلية خمس مراحل، فأما مدينة صيداء، فهي على ساحل البحر الملح، وعليها سور حجارة، وهي تنسب إلى امرأة كانت في الجاهلية، وهي مدينة كبيرة عامرة الأسواق رخيصة الأسعار، محدقة بالبساتين والأشجار، غزيرة المياه، واسعة الكور، لها أربعة أقاليم، وهي متصلة بجبل لبنان لإقليم يعرف بإقليم جزين، وفيه مجرى وادى الحر، وهو مشهور بالخصب كثير الفواكه. وإقليم السربة وهو إقليم جليل، وإقليم كفر قيلا، وإقليم الرامي، وهو نهر يشق جبالها ويصب إلى البحر.

وجميع هذه الأربعة أقاليم تشتمل على نيف وستمائة ضيعة، وشرب أهلها من ماء يجري إليها من جبلها في قناة، وبهذه المدينة أعني صيداء عينها المعروفة، وذلك أنه ينشأ بها في أيام الربيع سميكات على طول الإصبع سواء، منها ذكور، ومنها إناث، ولها علامات تعرف بها إناثها وذكورها، فإذا كان وقت سفادها أخذت صيداً، ثم تجفف فإذا احتيج إليها أخذت منها واحدة، فتسحق وتستف بالماء، وهذه السميكات صغار على هيئة الوزغ، ولها أيد وأرجل خفية صغار، وقد رأيناها غير ما مرة.

ومن صيداء إلى الْجيّة، وهو حصن على البحر، ثمانية أميال، ومنه إلى حصن القلمون على البحر خمسة أميال، وهذا الحصن على قنطرة، والقنطرة على واد وهي عريضة جداً، وقد بني الحصن عليها، وهو حصن منيع في عطفة جون، ومنه إلى حصن الناعمة وهو كالمدينة الصغيرة سبعة أميال، والناعمة مدينة حسنة، وأكثر نبات أرضها شجر الخرنوب التي لا يعرف في معمور الأرض مثله قدراً ولا طيباً، ومنها يتجهز به إلى الشام، وإلى ديار مصر، وإليها ينسب الخرنوب الشامي، أما وإن كان الخرنوب في الشام كثيراً طيباً، فهو بالناعمة أكثر وأطيب، ومن حصن الناعمة إلى طرف بيروت أربعة وعشرون ميلاً.


النسبة إلى صيداء:

صيداوي، وهذه نسبة ما لا ينصرف من الممدود، ولو كان مقصوراً لكان صيدوي، كقولهم في ملهى ملهوي، وفي مِرمى مِرمَوِي، ومن أسمائها إربل بلفظ إربل الموصل (العراقية) وذكر السمعاني (في الأنساب) أنه ينسب إليها صيداني بالنون كأنه لحق بصنعاء وصنعاني، وبهراء وبهراني، وقال السمعاني: الصيداني: بفتح الصاد المهملة، والياء الساكنة آخر الحروف، والدال المهملة المفتوحة، بعدها الألف، وفي آخرها النون. هذه النسبة إلى صيدا، وهي بلدة على ساحل بحر الروم، مما يلي الشام، قريبة من صور، وقد ذكر سليمان بن أبي كريمة: إنه نظر إلى عمود، أو حجر مكتوب عليه كتاباً، فلم يُحسِن أن يقرأه، فتعلم بعد ذلك قراءة اليونانية فقرأه، فإذا عليه: بنى - مدينة صيدا - صيدون بن سام بن نوح، وهي رابع مدينة بُنيت بعد الطوفان.


علماء صيدا:

اشتهر علماء صيدا عبر التاريخ، ومنهم: هشام بن الغاز بن ربيعة الجرشي الصيداوي، وهو من أهل صيدا، ويروي عن مكحول، ونافع. وروى عنه ابن المبارك، والوليد، ووكيع، وشبابة. ومات سنة 156 هـ/ 773م.

قال السمعاني في كتاب الأنساب: والمشهور من العلماء بهذه النسبة: أبو الحسين محمد بن أحمد بن محمد بن أحمد بن يحيى بن عبد الرحمن بن جميع الغساني الحافظ الصيداني، من أهل صيدا، له رحلة إلى ديار مصر والعراق، وبلاد فارس، وكور الأهواز، وأكثر عن الشيوخ بهذه البلاد، أدرك المحاملي ببغداد، وخرَّج له خلف بن أحمد بن علي الواسطي الحافظ معجم شيوخه في خمسة أجزاء حسنة، وروى عنه ابنه الحسن، وأبو سعيد أحمد بن محمد بن عبد الله الماليني الصوفي، وأبو نصر عبد الرحمن بن أبي عقيل الصوري، وآخر من روى عنه أبو نصر الحسين بن محمد بن أحمد بن طلاب الخطيب الدمشقي، وكانت ولادته سنة 306 هـ/ 918 م، بصيدا، ووفاته قبل 400 هـ/ 1009 - 1010م. وقيل: مات بصيداء في رجب سنة 402 هـ/ 1012م.

وروى عن الصيداوي ابنه أبو الحسن أحمد بن الحسن بن أبي الحسين بن جميع الصيداني، الذي سمع جده أبا الحسين محمد بن أحمد بن جميع وغيره. وسمع منه أبو محمد عبد العزيز بن محمد بن محمد النخشبي الحافظ، وذكره في معجم شيوخه، وقال: رأيت سماعه في أجزاء من أجزاء جدِّه، وكانت عنده كتب جدِّه باقية بصيدا، وفيها سماع الخلق الذين سمعوا منه، وكتب عنه بصيدا.

وسمع من أبو علي الحسن بن محمد بن النعمان الصيداني، وهو يروي عن بكار بن قتيبة قاضي مصر. وروى عنه أبو الحسين محمد بن أحمد بن جميع الغساني، وسمع منه بصور.

ومن المنتسبين إلى صيدا:

أبو عبد الله محمد بن المعافي بن أبي حنظلة بن أحمد بن محمد بن بشير بن أبي كريمة العابد الصيداوي، وقد كان زاهداً متعبداً، وكان يفطر كل ليلة على حساء، وكان ذلك طعامه وشرابه. وهو يروي عن معاوية بن عبد الرحمن المرجي، وعمرو بن عثمان، ومحمد بن صدقة الجبلاني وغيرهم. وروى عنه المحدِّث أبو حاتم محمد بن حبان البستي، وأبو بكر محمد بن إبراهيم المقرئ وغيرهما، ومات في حدود سنة 310 هـ/ 922م.

ومن علماء صيدا أبو طاهر محمد بن سليمان الصيداوي، سمع بحمص عبد الرحمن بن جابر الكلاعي. وروى عنه أبو بكر أحمد بن محمد بن عبدوس النسوي الحافظ، وذكر أنه سمع منه في مدينة صيدا.

ومن علمائها أبو جعفر أحمد بن محمد بن جعفر المنكدري الصيداوي. يروي عن محمد بن إسماعيل الأربلي. وروى عنه أبو الحسين بن جميع الصيداوي.

ومحمد بن المعافى بن أبي حنظلة الصيداوي، روى عن محمد بن صدقة الجبلاني.

وروى عنه أبو القاسم سليمان بن أحمد بن أيوب الطبراني، وذكر أنه سمع منه بمدينة صيدا.

وأبو عبد الله محمد بن عبد الرحمن بن طلحة الصيداوي، سمع أبا القاسم إسماعيل بن محمد بن عبد الرحمن بن طلحة الصيداوي، وسمع أبا القاسم إسماعيل بن محمد بن إسماعيل الحلبي بحمص. وروى عنه أبو محمد عبد العزيز بن محمد بن محمد النخشبي، وقال: سمعته يقول: كان مولدي لخمس بقين من المحرم سنة 352 هـ / 963م.

تلاميذ الصيداوي:

قال السمعاني في كتاب الأنساب: وروى عن ابن جميع الصيداوي أيضاً عبد الغني بن سعيد الحافظ، وهو من أقرانه، وتمام بن محمد، وأبو عبد الله الصوري، وعبد الله بن أبي عقيل، وأبو نصر بن طلاب، وأبو العباس أحمد بن محمد بن يوسف بن مردة الأصبهاني، وأبو الفتح محمد بن أحمد بن محمد بن عبد الرحمن المصري الصواف، وأبو نصر علي بن الحسين بن أحمد بن أبي سلمة الوراق الصيداوي، وأبو الحسين محمد بن الحسين بن علي الترجمان، وأبو علي الأهوازي، وأبو الحسن الجنابي، ابن جميع من الأعيان والأئمة الثقات.

الحادي الصيداوي:

أورد المحبي ترجمة الحادي الصيداوي في كتاب خلاصة الأثر في أعيان القرن الحادي عشر، فقال المحبي: محمد بن عبد القادر، المنعوت بشمس الدين، الشهير بالحادي الصيداوي الشافعي، مفتي صيدا، الفاضل الأديب المشهور، له كتاب ألحان الحادي بين المراجع والبادي، وقد وضعه على أسلوب كتاب الحان السواجع للصفدي.

وذكر الصيداوي في ترجمة شيخه الشمس الداودي، أنه ختم عليه قراءة شرح المحلى على المنهاج، فعمل دعوة حضرها جمع من العلماء والأدباء فأنشد بعضهم:

ويوم قد قطعناه سعيدا ** لِجِيْد الدهر قد أضحى محلى

بروضٍ زاهرٍ جنبات نهر ** ومأكول ومشروب محلى

قطعناه بقرآن وذِكرٍ ** وإخوان حَوَوْا أسنى محلى

وكان ختامه مسكاً فقالوا: ** كذلك فليكن ختم المحلى

وكان الحادي الصيداوي كثير النظم وله في عمل الألغاز وحلها اليد الطولي ومتى كتب إليه شيء منها حله في وقته وكتب الجواب، ومن شعره:

مريض هواكم مله مَن يعوده ** فعصر التداني ماله مَن يعيده

أقمتم على هجري وإني على الولا ** مقيمٌ وعندي كُل آنٍ مَزيده

فيا عاذلي ما عاد لي الآن مسمع ** بما نالني والصبر حُلَّت عُقوده

وما أنا ممن قد شكى حُكم دهره ** بضدِّ الذي يرجو به ويريده

وكان لطيف المحاضرة لذيذ الصحبة ممتع المؤانسة، وكان رؤساء الشأم يميلون إليه جداً، ويعدونه ريحانه الندماء، ويعاشره منهم من تطيب عشرته، وتلين قشرته، ولهم معه نكات تجري بينهم، ومقاصد لا يغضب منها ولا يتألم، ولو كانت سَبًّا. وكانت وفاة الحادي الصيداوي بمدينة صيدا في سنة 1042 هـ/ 1632م.


صيدا والشعراء:

ذكَرَ الثعالبي في كتاب يتيمة الدهر أن الشاعر عبد المحسن بن محمد الصوري قد قال:

نام الخليون من حولي فقلت لهم:

ما كل عين لها عين تسهّدها ** لا تنكروا عقلتي عامين في يده

فإن صيداء معروف تصَيُّدُها ** كأنما أهلها أهل المقيم بها

فذلك الزهد في الأوطان يُبعِدُها

ويقال: مَرَّ أبو الحسن علي بن محمد بن الساعاتي بنواحي صيداء، وهي بيد الأفرنج فرأى مروجاً كثيرة نباتها النرجس، واتفق أنه هرب بعض الأسارى من صيداء فأرسلت الخيل وراءه، فردته فقال ابن الساعاتي:

لله صيداءُ مـن بـلاد ** لم تبق عندي بلًى دفيناً

نرجسها حلية الفيافي ** قد طبق السهل والحَزونا

وكيف ينجو بها هزيم ** وأرضها تنبت العيونا

وذكر بعض الشعراء صيدا فقال:

يا صاحبي رويدا ** أصبحت صيداً بصيدا

وقال اللغويون: صَيْدَاءُ: اسم امرأةٍ شَبَّبَ بها ذو الرمةِ الشاعرُ المشهورُ، فقال:

وإِنَّ هَوَى صَيْدَاءَ في ذَاتِ نَفْسِهِ ** لِسَائِرِ أَسبابِ الصَّبَابةِ رَاجِـحُ

وقال ابن شاهين، في وصف صيدا: وأما صيدا، فإنها بين البلاد أسد البيدا، وما أدري كيف يذمها بعض الناس، وأهلها يعوّذونها من شرّ الوسواس الخنّاس، ولعمري إنها بلدة لولا حرارة مائها وهوائها، وبرودة أوضاعها وأبنائها، لكانت جنّة المأوى، في الدنيا والآخرى. اللهم إنا نسألك الإنصاف، ونعوذ بك من التعصّب والاعتساف.


مدينة صيدا اللبنانية:

صيدا هي ثالث أكبر المدن اللبنانية وأكبر مدن محافظة الجنوب وتعتبر صيدا إحدى أقدم مدن العالم، تقع على ساحل البحر الأبيض المتوسط شمال صور بحوالي 40 كلم، و45 كلم جنوبي العاصمة بيروت. صيدا مدينة قديمة ذات شهرة تاريخية واسعة يشهد عليها مرفأها وقلعتها. وعرفت في العقد الأخير من القرن الماضي بعد الحرب الأهلية اللبنانية نمواً مدنياً متسارعاً أدّى إلى تضخمها وتمددها نحو العديد من القرى المجاورة التي أصبحت جزءاً من مجالها.

تلعب المدينة دوراً استقطابياً على مستوى محافظة الجنوب، باعتبارها مركز المحافظة، كما يوفر لها موقعها المميز أن تكون صلة وصل بين الجنوب وبيروت وقد ازدادت أهميتها بعد تنفيذ الأوتوستراد الجنوبي. وتتمركز في صيدا الدوائر الرسمية والمتاجر والمصارف والمؤسسات التعليمية والاستشفائية والصناعية الرئيسية، كما يؤمن لها مرفأها فرصاً اضافية للنمو والاستقطاب.

تعتبر صيدا الحاضرة وريثة صيدون الفينيقية، ولا يتطابق موقع صيدا الحالي مع موقع صيدون الفينيقية التي كانت تمتد نحو الشرق أكثر، والدليل على ذلك أنّ معظم الآثار الفينيقية المكتشفة وُجدت في القياعة، الهلالية وأخيراً في تلة شرحبيل بن حسنة، بينما انحصرت صيدا قديما بأسوارها حتى أواسط القرن التاسع عشر، ثم أخذت بالانتشار نحو الشمال والشرق عبر البساتين التي تغطي سهلها. يبلغ عدد سكانتها ما يقارب الـ250 الف نسمة، وذلك حسب التقديرات المحلية لغياب الإحصاءات 82% من السكان هم مسلمون سُنّة وحوالي 8% مسلمون شيعة وحوالي 10% مسيحيون عرب.

تضم صيدا في ضواحيها مخيمين للاجئين الفلسطينين وهما مخيم عين الحلوة ومخيم المية ومية.


أصل التسمية:

اسمها باللاتينية وباليونانية "صيدون" وبالعبرانية "صيدو". ولا يوجد تفسير واضح لأصل التسمية. فمنهم من ذكر أنها تنسب إلى صيدون ابن كنعان. كما يعتقد أن الاسم مشتق من كثرة السمك في شواطئها أو نسبة إلى أهلها الأقدمين الذين عملوا كصيادي أسماك.

ويقول المؤرخ الفرنسي جاك نانتي: «إنّ أول مدينة أسسها الفينيقيون هي مدينة صيدا نحو سنة 2800 ق.م ثم بُنيت مدينة جبيل فأرواد فطرابلس... ومؤسس مدينة صيدا هو صيدون ابن كنعان البكر الذي أخذت اسمه منها». ويقول أحمد عارف الزين: «إنّ صيدا من أقدم مدن العالم واسمها مأخوذ من بكر كنعان حفيد نوح وكان ذلك سنة 2218 ق.م أو قبل ذلك، وكانت في أيام يشوع بن نون ام المدن الفينيقية»".


موقع صيدا:

تقع صيدا الحديثة في قضاء صيدا من محافظة الجنوب. تبعد نحو 45 كلم (27.963 مي) عن بيروت عاصمة لبنان. وتبعد عن العاصمة السورية دمشق 87 كلم وترتفع نحو 5م عن سطح البحر وتمتد على مساحة تُقدَّر بـ 786 هكتاراً (7.86 كلم²- 3.03396 مي²).

تبعا لبعض التقديرات يسكن مدينة صيدا نحو 120,000 نسمة، ويبلغ عدد سكان المدينة المسجلين 89,152 نسمة، إضافة إلى نحو 50 ألفا من اللاجئين الفلسطينين الذين يسكنون مخيم عين الحلوة الذي يشكل ضاحيتها الفقيرة.


مميزات صيدا:

تتميز صيدا بأنها عريقة وغارقة في التاريخ، ومن الآثار التي تروي حكاياتها: المدينة القديمة، القلعة البحرية، القلعة البرية، الميناء ومرافئ الصيادين، الجامع العمري الكبير، الكنائس وخان الإفرنج والحمامات الأثرية. كما تتمتع المدينة بمزايا عدة: فهي مركز المحافظة، وفيها وظائف تجارية متطورة، وتتميز أيضاَ بفرادة واجهتها البحرية ومنطقتها التراثية، ومأكولاتها وحلوياتها المتنوعة، كل هذا يجعل منها نقطة جذب سياحية مهمة، إضافة إلى انفتاحها على المناطق الزراعية في جنوب لبنان. وتضم منطقة صناعية واقعة في جنوبها. وتمتلك أيضاً مقدرات مهمة في حقل الإسكان، بفضل التلال المحيطة بها والمطلة على البحر، والتي شهدت نمواً عمرانياً ملحوظاً. ويقوم الاقتصاد الصيداوي بالدرجة الأولى على زراعة الحمضيات، إذ تمتد مدينة صيدا وسط سهل ساحلي خصب التربة غزير المياه.


تاريخ صيدا:

مرت صيدا بحقب تاريخية مهمة منها ما شهد بعض التطور والازدهار كما في عهد العموريون وأيام الأشوريين والكلدان والفرس وخصوصاً أيام العبرانيين والآراميين (885-331 ق.م) ومنها ما شهد بعض الانحطاط كما في عهد الحيثيين والمصريين. كما ذكر هوميروس مدينة صيدا في إلياذته، وتحدث أكثر من مرة عن نتاج صيدون وتجارتها وغناها قائلاً: "إنّ الحذق والمهارة والشهرة التي كانت للصيدونيين في صنائعهم والقوة والبأس والبطش التي كانت في جيوشهم لم تنحصر في سوريا بل انتشرت منهم إلى أقاصي الأرض... ". وكان لصيدا صلات كثيرة بأمم متعددة قديمة، بعضها من سكنها وبعضها من اقتحمها لبسط سيطرته عليها.

يرجع تاريخ المدينة إلى فينيقيي سواحل البحر المتوسط في أوائل الألف الثالث ق.م. وقد ازدهرت بنوع خاص في أواخر الألف الثاني وأوائل الألف الأول ق.م. وكانت تقسم إلى قسمين - كما تدل النقوش التي وجدت في معبد أشمون ـ صيدا الكبرى أو البحرية وهي مركز الصناعة والتجارة وتقوم المدينة الحالية مكانها. وصيدا الصغرى وكانت تقع في الضاحية على سفوح المرتفعات التي تحيط بالمدينة.

ويعود مجيء الفينيقيين إلى بلادنا إلى أوائل الألف الثالث ق.م. وتنسب صيدا إلى صيدون بكر كنعان، وكانت رئاسة المدن الفينيقية والسيادة البحرية من نصيب صيدا أولا، واحتفظت بسيادتها البحرية كما فعلت من قبل جبيل وأرواد في شمال لبنان. وكانت صيدا أماً لمدينة هبّو في شمالي إفريقيا ومدينة كيثيوم في قبرص كما كانت صور أماً لمدينة قرطاجة.

ازدهرت المدينة بنوع خاص في أواخر الألف الثاني وأوائل الألف الأول ق.م. وسيطرت على الحوض الشرقي للمتوسط فترة من الزمن. وفي القرن الثاني عشر ق.م. خسرت صيدون سيادتها بسبب غزو الفلسطو لها وتدميرهم إياها. فانتقلت عظمتها إلى صور.

توالى على المدن الفينيقية بما فيها صيدون الفاتحون والغزاة. وكان الاحتلال الأجنبي عنيفاً طاغياً حيناً وضعيفاً لا أثر له حيناً آخر، حسب مراحل الازدهار أو الانحطاط التي كانت تمر بها الدولة المحتلة.

وتعاقب على صيدون الفراعنة ثم المصريون فالآشوريون. وقد ثارت المدينة على الآشوريين حوالي سنة 680-670 ق.م. فجاء الملك آسرحدون ودمر المدينة وذبح أهلها ونفى سكانها إلى آشور. كما ثارت ضد الفرس فحاصرها إرتحششتا الثالث. إلا أن الصيدونيين فضلوا الموت على السبي والأسر. فأحرقوا مدينتهم وجميع مراكبهم واستسلموا للموت حرقاً. ويقال أن أكثر من 40 ألف نسمة هلكوا في هذا الحريق. بعد الفرس استسلمت صيدون إلى الاسكندر المقدوني بدون مقاومة ومن بعده إلى خلفائه. وفي أوائل العهود الرومانية كانت صيدون تشكل شبه جمهورية صغيرة لها حكامها وقضاتها ومجلس شيوخها.

وفي العهد البيزنطي، تمّ تقسيم البلاد إلى تشكيلات إدارية تخالف التنظيمات الرومانية، فكانت فينيقيا الساحلية وقاعدتها صور قد شملت عكار وصور وصيدا وبيروت وجبيل وطرابلس، ودام الحكم البيزنطي في بلادنا 2500 سنة كانت من أكثر عصور تاريخنا الوطني شؤماً.

وعام 555 م، ضرب زلزال قوي مدينة بيروت ودمر كلية الحقوق فيها تدميراً كاملاً، فنقلت نشاطها إلى مدينة صيدا إلا أنّ زلزال عام 573 م دمرها أيضاً.

وفي العام 637 م سارت الجيوش الاسلامية بقيادة يزيد بن أبي سفيان إلى مدينة صيدا، ففتحها فتحاً يسيراً، وجلا كثيراً من أهلها، ثم خلفه أخوه معاوية الذي خشي عودة البيزنطيين إلى المدينة فعمد إلى إنشاء أساطيل حربية بحرية في ميناءي صيدا وصور حتى بلغ أسطوله 1700 سفينة حربية قاده بحارة مسيحيون واستطاع بواسطته اكتساح قبرص ورودوس محطماً عمارات البيزنطيين القوية. ومنذ ذلك الحين أصبح اسمها صيدا. وأصبحت تابعة إدارياً لمدينة دمشق عاصمة الأمويين فيما بعد.

وشهدت مدينة صيدا في عهد الأمويين (680- 750 م) نهضة فكرية تمثلت بالشعراء والمفكرين والفلاسفة، ونهضة فنية تمثلت بالهندسة البنائية، إضافة إلى تطورها الاقتصادي بحيث كان الصيداويون يصدرون إلى أوروبا وبقية أنحاء العالم صادراتهم الزراعية والصناعية.

وفي العصر العباسي (754 ـ 1098م) نشأت دويلات إسلامية عدة كالدولة الطولونية والإخشيدية والحمدانية والفاطمية، وشهدت بلادنا بوادر التفرقة الدينية والعنصرية بعد انتقال الخلافة من دمشق إلى بغداد، لذلك كثرت الثورات وأعظمها كانت تلك التي أعلنها علي بن عبد الله المعروف بالسفياني، إذ رفع العلم الأبيض – العلم الأموي وأزال العلم الأسود شعار العباسيين، واستطاع أن يجمع حوله جماعة من المؤيدين بينهم حاكم صيدا سنة 812 م.

وفي العهد الصليبي كانت صيدا مركز ولاية من الولايات الأربع التي تؤلف مملكة القدس وكان يحكمها كونت وتمتد حدودها من الدامور شمالاً إلى جبل الكرمل جنوباً. وفي عهد المماليك تأخرت مدينة صيدا كثيراً وانحط شأنها ولم يكن هذا الانحطاط من نصيب صيدا فحسب، فقد خربت كل المدن الساحلية ذات المرافئ المهمة في هذا العهد. فالمماليك فرضوا ضرائب باهظة مما أرهق كاهل الشعب، وهجرها التجار وتهدمت بيوتها من جراء الحروب المستمرة.

وفي العهد العثماني أصبحت صيدا سنة 1662 مركز ولاية تبتدئ حدودها شمالا من جسر المعاملتين أي من حدود ولاية طرابلس وتنتهي جنوبا عند جبيل الكرمل، ثم اتسعت فيما بعد حدود الولاية أيام الجزار بما ضم إليها من بلاد. وفي عهد الأمير فخر الدين الثاني المعني (1590-1697 م)، شهدت مدينة صيدا تطوراً عمرانياً وتجارياً كبيرين، فقد اتخذ من صيدا عاصمة له، فنشطت الحركة التجارية وأخذ الأجانب يتمركزون فيها ويوسعون تجارتهم معها وخصوصاً بعدما فقدت طرابلس مركزها التجاري.

وكثرت في صيدا الأبنية المعنية التي لا يزال البعض منها باقياً حتى يومنا هذا. وكثرت أيضاً الحانات التي كان يقيم فيها التجار الأجانب وقناصل الدول الأوروبية. ولعل فترة الازدهار القصيرة التي عاشتها صيدا أيام فخر الدين هي آخر فترات ازدهارها في التاريخ.

وفي أواخر القرن الثامن عشر، نقل أحمد باشا الجزار مركز ولاية صيدا إلى عكا مما أدى إلى سقوط المدينة. وعام 1791 قام بطرد التجار الأجانب من صيدا، وكان ذلك سبباً في بروز بيروت كمركز تجاري مهم واحتلت مكانةً كبيرة في العلاقات التجارية مع أوروبا بدلاً من صيدا. وفي عام 1840، ألقى الأمير بشير الشهابي الكبير النظرة الأخيرة على الجبل من مرفأ المدينة متوجهاً إلى مالطة مسدلاً الستار ومنهياً الحكم الشهابي على صيدا.

وكانت صيدا في عام 1860 ملجأ لعدد كبير من الفلاحين الذين هربوا من المجازر الطائفية واحتموا في خان الفرنج ومن تأخر منهم تعرض للقتل. ومنذ أوائل القرن التاسع عشر والمدينة تنمو وتزدهر تجارياً وثقافياً واقتصادياً، حتى أصبحت وقبل الحرب العالمية الأولى ميناء البلدان اللبنانية والسورية على حدٍّ سواء.

خلال الحرب العالمية الأولى، عانت صيدا من الجوع وانتشار داء التيفوس، كذلك عُلّق أحد أبنائها وهو توفيق البساط على المشنقة مع إخوانه في ساحة البرج في بيروت في 6 ايار 1916م، ولما وصل الجيش الإنجليزي إلى ضواحي صيدا عام 1918م، قام رياض الصلح مع عدد من الشباب الصيداوي بدخول دار الحكومة فرفعوا على ساريتها العلم العربي وأعلنوا نهاية الحكم العثماني في الجنوب ونودي رياض الصلح رئيساً للحكومة العربية المؤقتة والتي سرعان ما سقطت بعد دخول الفرنسيين إلى مدينة صيدا وضمها إلى دولة لبنان الكبير عام 1920م. ومنذ فترة ما بعد الاستقلال وحتى يومنا هذا، أخذت صيدا تزدهر يوماً بعد يوم وتتطور تجارياً واقتصادياً وصحياً وثقافياً، فبرزت الحركات الاجتماعية والجمعيات الثقافية والمدارس العريقة، كذلك كثرت المستشفيات والمراكز الطبية وازداد عدد المهندسين والأطباء والصيادلة، عدا عن أهم رجالاتها المفكرين والأدباء والسياسيين، مما جعل من مدينة صيدا ثالث المدن اللبنانية من حيث الأهمية وعاصمة محافظة لبنان الجنوبي.


أهمية صيدا التاريخية:

لعبت الحضارة الفينيقية دوراً مهماً في اكتشاف الأبجدية ونقلها إلى العالم، وعندما نذكر صيدون الفينيقية، لا بدّ وأن نذكر معها الدور الحضاري العظيم الذي قدمته هذه المدينة إلى بلاد اليونان، ألا وهو نشر الأبجدية فيها، وهذا ما تؤكده روايات مؤرخي اليونان، انهم عرفوا الهجائية عن طريق الصيدونيين الذين جاءوا إلى بلاد اليونان وصحبة (قدم) أو قدموس حوالي سنة 1580 ق.م والذي حمل معه الحروف الهجائية وبنى مدينة تيبه وتملكها.

كما كان للحضارة الفينيقية دور مهم في اكتشاف مادة الصباغ الأرجواني وتصديرها إلى العالم (مادة الصباغ الأرجواني موجودة في حيوانات بحرية ذات أصداف تُسمى الموريكس وكان لونها أحمر بنفسجياً، ويتم استعمال هذه المادة في صباغ الحرير والقطن والصوف الناعم). وتعتبر مدينة صيدون مكتشفة الصباغ الأرجواني بخلاف ما ذُكر من أنّ صور هي مكتشفته (وُجد جبل كامل من هذه الأصداف عند مقام أبا روح على شاطئ صيدا الجنوبي ويعود تاريخها إلى أوائل الألف الثاني قبل المسيح في حين أنّ آثارات مصانع الأرجوان حول مدينة صور تعود إلى القرن الثاني عشر قبل الميلاد فقط).

والصيدونيون هم أول من صنع الزجاج ولا سيما الشفاف منه وأنشأوا لصناعته المعامل المهمة، وكانت مصانعهم في صيدون والصرفند أشهر معامل من نوعها في العالم المعروف وقتئذٍ. كما برع الصيدونيون في صنع الأواني الخزفية وهم أول من نقل هذه الصناعة إلى بلاد اليونان، كما تفوقوا في صناعة الحفر والنقش وصب الذهب والفضة ومختلف المصنوعات المعدنية.

وكانوا أول من عنوا بتبليط الشوارع وأحرزوا في صناعة السفن نصيباً وافراً من المجد والشهرة، وكانوا أسبق الأمم إلى ركوب البحر والتوغل فيه.


آثار صيدا:

تعتبر صيدا مدينة أثرية بامتياز، بحيث تكثر فيها الآثار ومنها ما يعود إلى العصور الفينقية المختلفة وأخرى إلى العقود المسيحية والاسلامية والصليبية والمعنية. وشهدت صيدا حركة اكتشافات اثرية مهمة بعد اجراء حفريات في المدينة وجوارها ومن المعالم التي لا بد من زيارتها:

القلعة البحرية: بناها الصليبيون عام 1228م على مدخل المدينة، وشيدت على جزيرة صخرية تبعد نحو 80 مترا من الشاطئ، ويربطها به جسر صخري مبني على تسع قناطر، ويزين مدخل القلعة أحجار سود منحوتة، ويقع داخلها مسجد بناه الاشرف خليل بن قلاوون، وجدده الأمير فخر الدين.

القلعة البرية أو قلعة القديس لويس: والمعني به هو لويس التاسع ملك الفرنجة الذي قاد الحملة الصليبية السابعة، وامر بترميم عدد كبير من القلاع وتحصينها ومن بينها قلعة صيدا التي تقع على قمة التل القديم الذي يشرف على المدينة من ناحيتها الجنوبية.

تلة المريق: إلى الجنوب من القلعة البرية يقع مرتفع اصطناعي يصل طوله إلى نحو 100 متر وارتفاعه نحو 50 متراً، وقد يكون تراكم بقايا اصداف المريق (الموريكس) وهي محار يستخرج منها الصباغ الارجواني، لذلك أطلق عليها اسم تلة المريق.

مساجد صيدا ومساجدها التاريخية: شيد عدد من المساجد داخل صيدا القديمة عند تقاطع الأزقة والدروب، بحيث تفضي هذه الطرق في معظمها إليها. وكان يلف كل مسجد حديقة وارفة الظلال يجلس فيها الناس بعد الانتهاء من اعمالهم يتسامرون، فاذا حان وقت الصلاة أدّوها في وقتها، فالمقاهي لم تكن موجودة في المدن الإسلامية، ولا يعرف كيف وجدت وانتشرت بحيث لا يخلو شارع من شوارعها القديمة منها، وهذه المقاهي ملاصقة تماماً للمساجد. والملفت للنظر أن هذه المساجد مقامة على خطين مستقيمين من أقصى الجنوب إلى أقصى الشمال من المدينة، فالمسجد العمري الكبير ومسجد قطيش ومسجد الكيخيا ومسجد أبي نخله على خط مستقيم واحد، يوازيه على خط آخر مسجد بطاح ومسجد باب السراي ومسجد البحر. أمّا المسجد البراني فيقع خارج سور البلدة، ومسجد القلعة البرية يقع في قلعة البحر. 
 
المقامات الدينية: تزخر صيدا وجوارها بعدد كبير من المساجد والكنائس إضافة إلى مقامات الأولياء والقديسين التي ترجع إلى عصور مختلفة، وأهم هذه المقامات مقام النبي صيدون الذي كان يقع في البساتين في منطقة البرغوت، أما اليوم فقد أصبح داخل مدينة صيدا، وكانت تحيطه حديقة واسعة ويعتقد أنه كان في الأصل هيكلاً للإله الفينيقي صيدون، ومن هنا تسمية المسلمين له بالنبي صيدون، بينما يزعم اليهود بأنه ضريح زبلون من أبناء يعقوب، ولا يوجد في الضريح ما ينبئ عن صحة نسبته (وتاريخ بنائه) وكان معظم زواره من اليهود وقلة من المسلمين، ومقام النبي يحيي الذي يقع شرقي صيدا قرب منطقة الحارة.

خان الإفرنج: يتألف هذا الخان من فناء داخلي مستطيل يتوسطه حوض مياه ويحيط به طابقان، الأرضي للبضائع والدواب والعلوي للنزلاء. وكان هذا الخان مركز النشاط التجاري وتحول فيما بعد إلى مقر للقنصل الفرنسي ثم مقرا للآباء الفرنسيسكان، وبعدها ميتما للفتيات، اما اليوم وبعد ترميمه فقد اضحى مقرا للمركز الثقافي الفرنسي.

كنائس صيدا الأثرية: في مدينة صيدا ثلاث كنائس أثرية، إحداها للرّوم الأرثوذكس والثّانية للطائفة المارونية وهما داخل المدينة القديمة، والثّالثة للرّوم الكاثوليك وهي خارج سور صيدا القديم، في حيّ مار نقولا.

المقابر: لا بد من الإشارة إلى أهمية المقابر في صيدا والتي تم العثور فيها على ناووس الملك الصيدوني اشمون عزر الثاني وهو موجود في متحف اللوفر، والمقبرة الثانية التي تقع تحت قرية الهلالية عثر فيها على نواويس رخامية شهيرة هي ناووس الاسكندر وناووس الليفي وناووس المرزبان وناووس الندابات وهي موجودة في متحف إسطنبول. وفي مقبرة عين الحلوة جنوب شرقي صيدا عثر على مجموعة من النواويس الرخامية وهي حاليا في المتحف الوطني في بيروت.

قصر آل دبانة: يملك هذا القصر الذي يعود تاريخ بنائه إلى أيام الأمير فخر الدين المعني الثاني الكبير في أوائل القرن السابع عشر، جورج دبانة. ولا يزال يحتفظ بطابعه الشرقي الجميل المزين بالزخارف الإيطالية من البندقية، ويعتبر من أجمل القصور القديمة.

مرافئ صيدا: مرفأ صيدا الأساسي صغير نسبياً ويتألف من حوض واحد وهو صالح للسفن الصغيرة التي لا تزيد حمولة الواحدة منها عن 1200 طن، ولسفن الصيد، وتمثل حركته 4 % من مجموع حركة المرافئ اللبنانية. ويجري اليوم العمل على إنشاء حوض آخر في مرفأ صيدا وتطويره نظراً إلى الدور المهم الذي يمكن أن يلعبه. أما صيدون القديمة فكان لها ثلاثة مرافئ هي المرفأ الشمالي ويقع مكان المرفأ الحالي، والمرفأ الجنوبي أو المرفأ المصري ويقع جنوبي المدينة القديمة، والمرفأ الخارجي ويقع في الجزيرة قبالة صيدا.