اثار المدينة الغارقة في صيدا
آثار صيدون الغارقة:
على بعد 600م من مرفأ صيدا وأمام قلعتها، خصوصاً تحت ما يُعرف بالجزيرة(الزيرة) ظهرت للعيان صيدون الغارقة (حوالي عام 647ق.م). حيث فوارات المياه العذبة .
والمصادر التاريخية لدى الدكتور يوسف حوراني تقول إن مؤرخاً يُدعى "دبرتي" أورد أنه يوجد نبعاً للمياه الساخنة على مسافة 3 كلم من مصب الليطاني.
وذكر أيضاً أن زلزالاً عنيفاً دمًر صيدون فابتلعتها مياه البحر. أما أسرحدًون ،ملك الآشوريين فيقول: " أما صيدا المدينة المحصنة كالقلعة والتي تقع في وسط البحر قد دُمرت دماراً كاملاً وكأن عاصفة مرًت من فوقها ودمًرت حيطانها وقواعدها ورمتها في البحر." ونُقل عن سترابو قوله: إن مدينة فوق صيدون ابتلعتها الأرض بفعل هزة أرضية ، وما يقارب ثلثي المدينة غرقت تحت الماء، ولكن ليس دفعة واحدة، ولهذا لم تحدث خسائر كبيرة في الأرواح ."
وقال الغطاس محمد السارجي:"إن المراجع والنصوص التاريخية التي تركها الغزاة والمؤرخون، تؤكد أن بناء المدينة كان على جزيرة في وسط البحر، وهي أبداً ليست صيدا التي نعرفها اليوم وذلك نتيجة هزة أرضية قوية جداً كانت بمثابة الضربة القاضية لمدينة صيدون التي خسرت قسماً كبيراً من مساحتها الإجمالية. وفيما بعد نُقلت حجارة بيوتها ومنشآتها لاستعمالها في أماكن أخرى. وعبر الزمن تغيرت معالم سطح الجزيرة التي أصبحت على مستوى مياه البحر إما نتيجة الأمواج العاتية التي جرفت الأتربة، أو نتيجة قطع الصخور الرملية الضخمة لاستعمالها في البناء في أماكن أُخرى إلا أن القسم الذي غرق من المدينة تحت الماء قد حُفظ ، وإن تأثر بالعوامل الطبيعية للبيئة البحرية. فهو بالتأكيد كاف للدلالة على عراقة صيدون.
وبمجرد النظر بالعين المجردة ومن دون عمليات تنقيب على ما تبقى من هذه المدينة الغارقة، يتبين تنظيمها المدني المتميز إذ من السهل رؤية بناء ضخم من حجارة وأعمدة رملية موجود بالقرب من بقايا معبد في الجهة الجنوبية للجزيرة. وهو على شكل جدار طوله يقارب العشرين متراً وقد بُني من حجارة ضخمة، واضخمها كان قد وُضع في نهايته أي عند زاويته. ومن داخل الجدار توجد غرفة مساحتها حوالي أربعة أمتار طولاً وثلاثة أمتار عرضاً. وهي مبلطة بحجارة يزيد طول الحجر الواحد عن المتر ونصف المتر، وعرضه حوالي المتر وفي وسط الغرفة هناك قناة محفورة في الصخر عرضها حوالي 40 سنتمتراً وعمقها حوالي 30 سنتمتراً وطولها بطول الغرفة . ويحد الغرفة من الجهتين الشمالية والغربية جداران ما زالا بحالة جيدة ويبلغ ارتفاع أحدهما نحو الثلاثة أمتار فيما كانت الجهة الغربية للمدينة مخصصة للبيوت والسكن ولآبار تجمع الأمطار.
أما القسم الجنوبي من الجهة الغربية فيحتوي على بقايا جدران من الواضح أنها كانت غرف في حين كانت الجهة الشمالية من الجهة الغربية للجزيرة مخصصة بالدرجة الأولى لبناء خزانات ضخمة جداً لتجميع وتخزين مياه الأمطار بداخلها لتلبية حاجات سكان المدينة صيفاً وشتاءً . بينما في الجهة الشرقية للجزيرة تظهر ساحة ضخمة مبنية من صخور مساحة الواحدة منها تقارب المترين طولاً والمتر عرضاً . واما الجهة الشمالية من الجزيرة فهي تحتوي على بقايا حجارة مبعثرة في كل مكان وكذلك بعض البلاط الرخامي".
ومن أهم المكتشفات الأثرية التي كشفها الغواصون في معهد صيدون للغوص لمديره الأستاذ محمد السارجي:
- البئر العالي،في الجهة الغربية تعلوه فتحة بعرض 20-30 سنم ،في قعره غرفة لتخزين الماء.
- بئر المزراب، على شكل قمع يزيد عمقه على 50 متراً، بحيث تنساب مياه الأمطار كالمزراب إلى داخله الصخري لتبلغ غرفة عرضها 18 متراً وطولها إلى 25 متراً.
- في الجهة الجنوبية الغربية بقايا بناء وقواعد منازل معظمها جدران ، سماكة الواحد منها زهاء 70سنم، إضافة إلى أكوام من الحجارة وكأنها بيوت مهدمة، بالإضافة إلى أجران مختلفة الشكل بينها.
- في الجهة الغربية الشمالية، بقايا بيوت بقواعدها إضافة إلى برك.
- في الشمال الشرقي جدران لمنازل ظلًت حجارتها في أماكنها، وهذا يدل على استخدام الخشب في إقامتها، ولوحظ أن بعض الخشب بدا أسود اللون ، مما يجعلنا نظن أن بعض المنازل أُحرق قبل غرقه.
- الجهة الجنوبية، ساحة مرصوفة بالبلاط مع جدران صخرية مرتفعة وبالقرب منها بناء حجارته متراصة إلى بقايا درج يقود إلى أسفل، ربما إلى معبد.