الدولة العثمانية : السلطان احمد الثاني
السلطان أحمد خان الثاني ابن السلطان إبراهيم خان 1102 - 1106 هـ
لما جلس هذا السلطان عل تخت أجداده كان سنه 50 سنة فأجريت له رسوم التولية بأدرنة وأرسل الفرمانات إلى الجيوش المحاربة ببقاء الصدر الأعظم فاضل مصطفى باشا وباقي الوزراء في مناصبهم.
واقعة صلانقمين ومقتل الصدر فاضل مصطفى باشا:
كان الصدر تقدم لملاقاة عساكر النمسا وبعد وصوله إلى بلغراد عبر نهر صاوا على جسر ثم تلاقى مع جيوش الأعداء الذين كانوا تقدموا من وارادين تحت قيادة الجنرال لويز دي باد بمكان يقال له صلانقمين (SALANKEMEN) فهاجمهم بشدة والتحم الفريقان وأزاح العثمانيون أخصامهم من مواقفهم وتقدموا حتى ضربوا قلب الجيش وبينما كان طائر النصر يرفرف على رؤس العثمانيين إذ أصيب الوزير برصاصة كان فيها حتفه ولما شاع خبر وفاته بين العساكر تقهقرت وتفرقت 25 ذي القعدة 1102 م .
وتقرر بين الأمراء انتخاب أقدم الوزراء ليكون قائداً عاماً فانتخبوا خليل باشا الذي تمكن من إرجاع الجيش بحالة منتظمة إلى بلغراد وخسر النمساويون في ذلك اليوم خسائر كبيرة توازي خسائر العثمانيين إن لم تزد عليها وكان لهم على بعد ست ساعات من محل الواقعة المذكورة أساطيل كثيرة في نهر الطونة فهاجمتها الدوننما العثمانية وأحرقتها عن آخرها ولما بلغ السلطان خبر وفاة الصدر تكدر لذلك ووجه مسند الصدارة لعربه جي علي باشا والسر عسكرية لخليل باشا وأخذت الدولة في إعداد الجيوش وتجنيد الجنود لعزمها على مناصبة العدو القتال.
أما البنادقة فإنهم لما لم يتمكنوا من زعزعة مقام العثمانيين بجزيرة كريد مع ما بذلوه من المساعي وما نالوه من الانتصارات فترت همتهم حتى إن القبودان البندقي لما لم ير نجدة من وطنه سلم1103 هـ قلعة قرابوسة (CARABUSA) من أعمال كريد للوزير علي باشا محافظ خانية بنفس شروط تسليم مدينة قندية. وفي سنة 1104 هـ خرج القبودان يوسف باشا الذي تعين لرياسة البحر في السنة السابقة بباقي الغلايين و الأغربة إلى البحر الأبيض كالمعتاد. وصدرت الأوامر بجمع الجنود في أدرنة وتعين عليها بيقلي مصطفى باشا سرداراً ثم قصد روسجق وأمر السلطان أيضاً سليم كراي خان القريم بالانضمام إلى الجيش العثماني لمحاربة النمسا ببلاد الأردل فلما علم القائد النمساوي بذلك رفع الحصار عن مدينة بلغراد وتركها راجعاً ولما بلغ خان القريم خبر رجوعه عن بلغراد اقتفى أثره وفتح قلعتي طمشوار وكيوله ومن الحوادث التي حدثت في زمن هذا السلطان ظهور ثورة ببلاد الشام فأرسلت الدولة جيشاً لإطفائها وحدوث حريق باستانبول جهة أيازمه قبوسي امتد إلى أون قبان وآت يازار وكان جسيماً أحرقت فيه عدة منازل ومبان وجامع السلطان سليمان 1104 وكان الجيش السلطاني حاصر 1105 سنة واردين واستولى جيش بوسنه على قلعة غبله من يد البنادقة وشتت شمل جيشهم في تلك الأطراف ودخل جيش التتار إلى بلاد الأردل وشتت شمل عساكر النمسا.
ولما كانت حكومة البنادقة غير قادرة على محاربة العثمانيين بمفردها وكثيراً ما ساعدها البابا بضم بعض دول أوروبا إليها وكانت دول أوروبا لا تمكنها حالتها كل وقت من مساعدتها انضم إليها هذه المرة البابا وأهالي مالطة وأرسل الكل أساطيلهم بها جنودهم فأنزلوها بجزيرة ساقز سنة 1106هـ1694م فأمر السلطان بجمع العساكر من كافة الجهات وتجهيز الدوننما وإنشاء مراكب جديدة بغاية السرعة لتقوية العمارة وقد تم ذلك في فصل الشتاء.
ثم اشتكى بعضهم القبودان يوسف باشا بأنه كان بالعمارة في بحر الأرخبيل وقت استيلاء البنادقة ومساعديهم على جزيرة ساقز وكان في إمكانه المدافعة عنها إلا أنه لم يفعل ولما حاكمته الدولة وجدت للشكوى بعض الحقيقة فعزلته عن رياسة البحرية ونفته إلى قلعة مديللي وتعين الوزير عموجه زاده حسين باشا وكان محافظاً لقلعة سد البحر بالدردنيل قبوداناً للدونما وقد أظهر اهتماماً زائداً بأمرها وفي تلك الأثناء اشتد المرض بالسلطان فتوفي بأدرنة ودفن بجامعه الذي شيده قرب باغجه قيوسي 1106 .