حي رجال الاربعين في صيدا

الشيخ عزالدين الكرجيه © البحوث والدراسات الإسلامية


حي رجال الأربعين:

لقد تعدًدت الروايات حول هذا الحي وتسميته، ولعل هذه التسمية عائدة إلى أن أهل صيدا قد سمّوه رجال الأربعين لأنه لم يكن فيه أكثر من أربعين منزلاً. وقد اشتُهر بمغاوره الكثيرة، ولكن الكثير من معالمه قد أُزيلت بفعل زلزال عام 1956 بحيث أن مصلحة التعمير قد أقامت مكان الأبنية المهدمة أبنية رجال الأربعين الحديثة لإسكان من تضرر من سكان صيدا القديمة لا سيما سكان الحي المذكور.

يمتاز الحي بجمال عمارته وأزقته التي تعلوها القناطر، ونتيجة لزلزال عام 1956 فقد دُمر هذا الحي في معظمه كما سبقت الإشارة، ففقدت صيدا معلماً حضارياً وعمرانياً كانت تتباهى به .

كما روي أن  هذا الحي عُرف باسم"حي رجال الأربعين"، أنه كان يعيش في الحي 40 رجلاً صالحاً، على عادة العبّاد الذين يسكنون الثغور للدفاع عن السواحل ضد غارات الأعداء، فاشتهر في صيدا أربعون من هؤلاء فاشتهر الحي باسمهم .

يُعتبر الحي من أكبر الأحياء السكانية داخل صيدا القديمة، وفيه تقع القلعة البرية، الجامع العمري الكبير، قصر رياض الصلح، وزاوية جلال الدين وأُخرى لآل الزعتري، وحسينية صيدا، والكنيسة المارونية القديمة، وقصر الأمير فخر الدين المعني الثاني، حيث "مستوصف مؤسسة الحريري" فضلاً عن مدرسة فيصل التابعة لجمعية المقاصد الخيرية الإسلامية في صيدا .

كما أن الأحداث التي عصفت في جبل لبنان عام 1840م، وتقديم آل جلال الدين مكاناً للعبادة في حي رجال الأربعين (كنيسة الموارنة) جعل الموارنة ينزلون في هذا الحي الذي هو متداخل سكانياً ومذهبياً، وفيه كانت تُقام المناسبات الدينية، ففي دارة آل عسيران كانت تُقام مجالس عاشوراء في شهر محرم، وفي كنيسة الموارنة كانت تُقام القداديس التي يؤمها المسيحيون من كافة المناطق، والمسجد العمري الكبير كان وما يزال مركز الإحتفالات الدينية والمحاضرات الإسلامية .

إن أشهر ما في الحي، ساحته التي تُفضي إلى ثلاثة شوارع: أحدها إلى ساحة المصلبية، وآخر إلى حي المسالخية والقلعة، وآخر إلى مقهى رجال الأربعين، وهذه الساحة كانت مركز احتفالات الحي وخاصة الأعراس، حيث كان هناك من يقوم بتنظيف الساحة، وآخرون يقدمون الكراسي ليجلس عليها الساهرون بعد صلاة العشاء إلى منتصف الليل.