مقامات مندثرة في صيدا

الشيخ عزالدين الكرجيه © البحوث والدراسات الإسلامية


مقام النبي شمعون:

كان يقع إلى الشمال الشرقي من صيدا، على طريق بيروت، بين البساتين وغير بعيد عن شاطئ البحر.

وكان أهل صيدا يتنزهون في المنطقة المحيطة به، لجمال مناظرها ووقوعها بين البساتين.

وعُرفت منطقته بالوسطاني، ويُنسب الضريح إلى شمعون أحد أنبياء اليهود.

وقد أُنشئ فوقه مسجد سنة 1899م يضم منارة متقنة.

وقام محمد أبي بكر ابن عبد الله اليمني الحضرمي بخدمته لمدة تزيد عن سبعة عشر عاماً، أقام خلالها حديقة رائعة حوله، ومساحتها بلغت 4080 ذراعاً مربعاً، وقد أوقفها على المقام المذكور، وصدّق القاضي محمد النحوي على ذلك.

وقد هُدم هذا المقام وأقيم عليه بناء تابع لدائرة الأوقاف الإسلامية فيه مركز مفتي صيدا والجنوب والمحكمة الشرعية السنية أيضاً.
 
 
مقام الشيخ عبد الله:

لا نعرف عن هذا المقام أية معلومات تُرشدنا إلى شخصية هذا الشيخ، ولكن تسمية الزاروب بإسمه يؤكد وجود هذا المقام وبالفعل هناك قبر رحب، وإلى جانبه قبور صغيرة الحجم ربما تعود لأطفال هذا الشيخ أي أولاده ولكن ليس من حدث تاريخي يؤكد هذه المقولة .

ولكن البحث اقتضى الإشارة إلى هذا المقام، لاسيما وأن خرائط بلدية صيدا القديمة تؤكد تسمية الزاروب باسم الشيخ كما سبقت الإشارة.


مقام الشيخ موسى:

زاره الشيخ النابلسي فقال: فزرنا في طريقنا الشيخ الولي الشيخ موسى ابن الشيخ حسن الراعي القطناني، منسوب إلى "قطنا" قرية من أعمال دمشق الشام، سقاها وسمى الغمام.

وهذا المزار فيه قبة نيرة مرتفعة مطلة على البحر. وهناك في الخارج قبور أُخر، وبقرب هذا المزار مسجد لطيف ليس فيه منبر، وفيه بركة ماء معينة. ودعونا الله تعالى في ذلك المكان. (الرحلة النابلسية،ص:35).

ويؤكد ذلك ما كان لجمعية المقاصد من أملاك في محلة الشهداء (شارع الحسبة القديمة). حيث كان المقام. إذ وبسبب انهدام الحائط لهذا المقام عام 1920م أوكلت الجمعية إلى المتعهد بشارة زريق من بيروت بهدم المقام ومسجده.
 
 
الزاويـة الشاذليـة:
 
كانـت في جامع الكيخيا، ولا وجود لها الآن.
 

مقام الشيخ قاسم:

في العقار 338 الدكرمان صيدا القديمة، وفيه مقام الشيخ قاسم وحاكورة تشتمل على أشجار تين، كانت جمعية المقاصد تؤجرها للمستثمرين، ففي سنة 1920 مثلاً أجّرتها إلى سليم البطش بمبلغ 250 قرشاً مصرياً سنوياً. وفي سنة 1921 استأجرها عمر رازيان، وبسب قدم البناء فيها وقربها من القلعة البرية استملكتها مديرية الآثار عام 1956 وعوضت الجمعية عليها.

ومقام الشيخ قاسم تحدث عنه العلاّمة الشهير المرحوم الشيخ عبد الغني النابلسي المتصوف المعروف والذي زار صيدا عام 1105هـ/1693م إذ قال: "ذهبنا إلى ضريح الشيخ قاسم من أولياء الله تعالى وقرأنا له الفاتحة ودعونا الله تعالى وقلنا في ذكر مديحه والتبرك بقبره وضريحه:

إن صيدا تنير بالشيخ قاسم

وبه ثغرها مدى الدهر باسمُ

قد ثوى من في ذراها شهيد

نور أسراره أبداً في المواسم

رابضٌ كالهزبر يحمي حماها

بحسامٍ صَلْتٍ من الحال حاسم

ولقد شاع ذكره في أناسٍ

رسم الحبَّ عندهم منه راسم

وشهيدٌ له مقامُ التناجي

فائحٌ سره بورد وياسم

ينجلي الكربُ عن مناديه لهفاً

وبأسراره تُفكُ الطلاسم

رحمة الله لا تزال عليه

كلٌ حين بعاطرات النواسم

ما شدا طائر على غصنِ بانٍ

وجرى الغيثُ هاطلاً في المراسم

وكذلك قصيدة الشيخ عبد القادر المعروف بابن عبد الهادي العمري الدمشقي التي مدح بها الشيخ قاسم رحمه الله تعالى في سنة 1098هـ/1686م.

وهي قوله:

خليلي في صيدا مطالع للفتح

وفي حسنها طاب النظام مع المدح

وسل عن شهيد الحق ذلك قاسم

فإن به طير الشهادة في صدح

وَزُرْ قبره فهو الشهيدُ حقيقةً

وصال على الكفار بالسيف والرمحِ

لقد شهدتْ منا العيون بأنه

غدا بمقيل القبر حيَّاً بلا مزح

تقلد بالسيفِ الصقبل حمائلاً

وشمَّ عبيراً للجنان مع الفتحِ

كأن منار الفيضِ عند مقامه

أشِعةُ أنوار الشهادة في السَّفحِ

فكم من أخي فقرٍ ألمَّ ببابه

فصار غنياً واسع الصَّدرِ والشرحِ

شهيدٌ إذا لاحت بروقُ فيوضهِ

يطوفُ بها أهلُ الشهادةِ والنُّصحِ

يمدُ على البحر الخضمُّ إفاضةً

فتجري به سفن الورى دون ما كدح

مقام به ثغرُ السمسرة باسمٌ

ويضحك بالرضوان أيضاً مع المنح

نعِمتُ به عيشاً وشمتُ بُروقَهُ

وعاينت للريحان يا طيب من نفحِ

شهيد كأن النور عند ضريحه

يطوفُ بآفاق المقام إلى الصُّبحِ

واسراره في البر والبحر قد بدت

لها أمل الراجين قد جاء بالمدحِ

فخلنا وضوءُ الشمس عند مقامه

تمرّ على كلّ الورى راية الفتحِ

وقد قلت في ذاك المقام تعلَّةٌ

تعلَّة اشواق القتيل من البرحِ

وأي وقفةٌ في باب عزّ نوالِهِ

لعلَّ بها أرجو النوال مع الصّفحِ

ولي حاجة إلا إليك أُبينُها

عن الغير حاشاها تؤول إلى السرحِ

فكن خاضعاً عن المزار له وكُن

على قدمِ النسَّاكِ للدمع في سفح

عبيدك عبد القادر العمري الذي

طريحُ الأسى وافاكَ للفتح والنجحِ