الدولة العباسية : قيام الدولة العباسية
الدعوة العباسية (100 - 127هـ)
كان الدعاة فيه يجوبون البلاد الخراسانية، ظاهر أمرهم التجارة وباطنه الدعوة، ينتهزون الفرص، ثم يبلغون أمرهم إلى القائم بالكوفة وهو يوصله إلى الحميمة أو إلى مكة حيث يجتمع المسلمون لأداء فريضة الحج. وكان ذلك المجتمع أعظم ساتر لأمر الدعاة لأنهم كانوا إذا قفلوا من خراسان سافروا حجاجاً.
وكانت إقامة محمد بن علي بالحميمة سبباً آخر في انتظام المواصلات وكتم سرها.
وكان أول ما ظهر من أمرهم بخراسان سنة102 حيث جاء رجل من تميم إلى أمير خراسان سعيد بن عبد العزيز بن الحارث بن الحكم بن أبي العاص الذي يقال له سعيد خذينة وقال له: إن ههنا قوماً قد ظهر منهم كلام قبيح، فبعث إليهم سعيد فأتى بهم فسألهم: من أنتم؟ قالوا: أناس من التجار؟ قال: فما هذا الذي يحكى عنكم؟ قالوا: لا ندري؟ قال: جئتم دعاة؟ فقالوا: إن لنا في أنفسنا وتجارتنا شغلاً عن هذا. فسأل من يعرف هؤلاء.
وكان أول ما ظهر من أمرهم بخراسان سنة102 حيث جاء رجل من تميم إلى أمير خراسان سعيد بن عبد العزيز بن الحارث بن الحكم بن أبي العاص الذي يقال له سعيد خذينة وقال له: إن ههنا قوماً قد ظهر منهم كلام قبيح، فبعث إليهم سعيد فأتى بهم فسألهم: من أنتم؟ قالوا: أناس من التجار؟ قال: فما هذا الذي يحكى عنكم؟ قالوا: لا ندري؟ قال: جئتم دعاة؟ فقالوا: إن لنا في أنفسنا وتجارتنا شغلاً عن هذا. فسأل من يعرف هؤلاء.
فجاء أناس من أهل خراسان جلهم من ربيعة واليمن، فقالوا نحن نعرفهم وهم علينا إن أتاك منهم شيء تكرهه. فخلى سبيلهم.
وفي سنة105 انضم إلى هذه الجمعية بكير بن ماهان وهو شيخ عظيم من شيوخ هذه الدولة وكبار دعاتها وكان موسراً فساعد القوم بماله، وصادف أن توفي في ذلك الوقت ميسرة القائم بالكوفة، فأقامه محمد بن علي مقامه فكان هو ربان هذه الدعوة يأتمر الدعاة بأمره ويسيرون في الطريق التي يشرعها لهم.
كان من أول النكبات الي لحقت بهم أنه وشي بجمع من دعاتهم إلى أسد بن عبد اللَّه القسري أمير خراسان وهو والٍ شديد قاس فأتى بهم وفيهم أبو عكرمة وأبو محمد الصادق ومحمد بن خنيس وعمار العبادي فقطع أيدي من ظفر به منهم وأرجلهم وصلبهم، وأفلت عمار العبادي حتى أتى الكوفة فأخبر بكير بن ماهان بذلك الخبر المشؤوم، فكتب به إلى محمد بن علي فأجابه: الحمد للَّه الذي صدق مقالتكم ودعوتكم وقد بقيت منكم قتلى ستقتل وقد وقع بعد ذلك عمار العبادي في يد أسد فألحقه بإخوانه.
وكان أسد بن عبد اللَّه أشد ولاة خراسان على الشيعة فكان لا يرحم أحداً منهم وقع في يده بل شرد بهم ونكل ونفي من نفي وقتل من قتل ولذلك لم يكن للدعوة في أيامه كبير أثر حتى عزل عن خراسان سنة109 وتلك ولايته الأولى ثم ولي خراسان مرة ثانية فأعاد معهم سيرته الأولى ففي سنة117 أخذ جماعة منهم فقتل بعضهم ومثل ببعضهم وحبس بعضهم.
حصل بعد ذلك في العالم الإسلامي ما كان له أعظم الفضل في نجاح الشيعة وقصور أعدائهم عن فل حدهم وذلك:
أولاً: انشقاق البيت الأموي حتى تزعزع بنيانه وتصدعت أركانه وأول ذلك كان بخروج يزيد بن الوليد بن عبد الملك بن مروان على ابن عمه الوليد بن يزيد بن عبد الملك واستعان على ذلك بالقدح في الوليد ونسبته إلى العظائم من الفسوق والكفر وإحلال ما حرم اللَّه.
ولما تم ليزيد أمره ولم يعبأ بقول ناصح انتهز بعض أهل بيته هذه الفرصة لينال الخلافة وهو مروان بن محمد بن مروان فإنه كتب إلى الغمر بن يزيد أخي الوليد يهيجه للمطالبة بدم أخيه.
وكان مروان في ذلك الوقت أميراً للجزيرة وأرمينية ومعه جيش كبير يأتمر بأمره ولم يزل حتى أقدم على طلب الخلافة مستمسكاً بهذا الحبل حتى نالها ولم يكن نيله لها بمزيل أسباب الخلاف والانشقاق في هذا البيت ولا شبهة أن انشقاق البيت المالك يحدث بطبيعة الحال انشقاقاً في قوة الدولة فلا تقوى على مصادمة عدوها.
ثانياً: ظهور العصبية القومية في خراسان وانشقاق القبائل العربية وذلك أن العرب يرجعون إلى شعبين عظيمين قحطان ونزار، وملك العرب القديم كان في اليمن فلما جاء الإسلام تحول إلى نزار لمكان رسول اللهَّ صلى اللَّه عليه وسلم منهم وكان أمر النبوة والوحي قد باعد بين الناس وحمية الجاهلية فتآخى اليمانيون والنزاريون ووجهوا قوتهم المتحدة إلى أعدائهم فنالوا في زمن قليل ما لم تنله أمة قبلهم في مثل الزمن الذي ارتفع فيه قدرهم.
وظهر الانشقاق في عهد نصر بن سيار هذا بين النزارية واليمانية وكان رئيس النزوارية وكبيرهم نصر بن سيار الأمير وكبير اليمانية جديع بن شبيب المعني المعروف بالكرماني.
في أثناء وقوع هذه الحوادث توفي محمد بن علي إمام الشيعة الذي يدعون إليه وأدلى بالأمر من بعده إلى ابنه إبراهيم وأعلم الشيعة بذلك فقاموا بالدعوة إليه مكان أبيه.
وفي سنة105 انضم إلى هذه الجمعية بكير بن ماهان وهو شيخ عظيم من شيوخ هذه الدولة وكبار دعاتها وكان موسراً فساعد القوم بماله، وصادف أن توفي في ذلك الوقت ميسرة القائم بالكوفة، فأقامه محمد بن علي مقامه فكان هو ربان هذه الدعوة يأتمر الدعاة بأمره ويسيرون في الطريق التي يشرعها لهم.
كان من أول النكبات الي لحقت بهم أنه وشي بجمع من دعاتهم إلى أسد بن عبد اللَّه القسري أمير خراسان وهو والٍ شديد قاس فأتى بهم وفيهم أبو عكرمة وأبو محمد الصادق ومحمد بن خنيس وعمار العبادي فقطع أيدي من ظفر به منهم وأرجلهم وصلبهم، وأفلت عمار العبادي حتى أتى الكوفة فأخبر بكير بن ماهان بذلك الخبر المشؤوم، فكتب به إلى محمد بن علي فأجابه: الحمد للَّه الذي صدق مقالتكم ودعوتكم وقد بقيت منكم قتلى ستقتل وقد وقع بعد ذلك عمار العبادي في يد أسد فألحقه بإخوانه.
وكان أسد بن عبد اللَّه أشد ولاة خراسان على الشيعة فكان لا يرحم أحداً منهم وقع في يده بل شرد بهم ونكل ونفي من نفي وقتل من قتل ولذلك لم يكن للدعوة في أيامه كبير أثر حتى عزل عن خراسان سنة109 وتلك ولايته الأولى ثم ولي خراسان مرة ثانية فأعاد معهم سيرته الأولى ففي سنة117 أخذ جماعة منهم فقتل بعضهم ومثل ببعضهم وحبس بعضهم.
حصل بعد ذلك في العالم الإسلامي ما كان له أعظم الفضل في نجاح الشيعة وقصور أعدائهم عن فل حدهم وذلك:
أولاً: انشقاق البيت الأموي حتى تزعزع بنيانه وتصدعت أركانه وأول ذلك كان بخروج يزيد بن الوليد بن عبد الملك بن مروان على ابن عمه الوليد بن يزيد بن عبد الملك واستعان على ذلك بالقدح في الوليد ونسبته إلى العظائم من الفسوق والكفر وإحلال ما حرم اللَّه.
ولما تم ليزيد أمره ولم يعبأ بقول ناصح انتهز بعض أهل بيته هذه الفرصة لينال الخلافة وهو مروان بن محمد بن مروان فإنه كتب إلى الغمر بن يزيد أخي الوليد يهيجه للمطالبة بدم أخيه.
وكان مروان في ذلك الوقت أميراً للجزيرة وأرمينية ومعه جيش كبير يأتمر بأمره ولم يزل حتى أقدم على طلب الخلافة مستمسكاً بهذا الحبل حتى نالها ولم يكن نيله لها بمزيل أسباب الخلاف والانشقاق في هذا البيت ولا شبهة أن انشقاق البيت المالك يحدث بطبيعة الحال انشقاقاً في قوة الدولة فلا تقوى على مصادمة عدوها.
ثانياً: ظهور العصبية القومية في خراسان وانشقاق القبائل العربية وذلك أن العرب يرجعون إلى شعبين عظيمين قحطان ونزار، وملك العرب القديم كان في اليمن فلما جاء الإسلام تحول إلى نزار لمكان رسول اللهَّ صلى اللَّه عليه وسلم منهم وكان أمر النبوة والوحي قد باعد بين الناس وحمية الجاهلية فتآخى اليمانيون والنزاريون ووجهوا قوتهم المتحدة إلى أعدائهم فنالوا في زمن قليل ما لم تنله أمة قبلهم في مثل الزمن الذي ارتفع فيه قدرهم.
وظهر الانشقاق في عهد نصر بن سيار هذا بين النزارية واليمانية وكان رئيس النزوارية وكبيرهم نصر بن سيار الأمير وكبير اليمانية جديع بن شبيب المعني المعروف بالكرماني.
في أثناء وقوع هذه الحوادث توفي محمد بن علي إمام الشيعة الذي يدعون إليه وأدلى بالأمر من بعده إلى ابنه إبراهيم وأعلم الشيعة بذلك فقاموا بالدعوة إليه مكان أبيه.
ثم توفي بكير بن ماهان شيخ الشيعة بالكوفة فأقام إبراهيم بن محمد مكانه حفص بن سليمان المعروف بأبي سلمة الخلال.
واتصل بإبراهيم في تلك الأوقات شاب من نوابغ الشبان وذوي المقدرة والعزيمة وهو أبو مسلم الخراساني، وكانت الشيعة بخراسان في حاجة إلى مثله ليشرعوا في العمل بعد أن أمكنتهم الفرصة بما وقعت فيه الدولة الأموية من الخلاف وما يقع فيه عرب خراسان من الانشقاق فاختار إبراهيم أبا مسلم لتلك المهمة وكتب إلى أصحابه إني قد أمرته بأمري فاسمعوا منه واقبلوا قوله فإني قد أمرته على خراسان.
وإنما أمره بتقريب أهل اليمن لأنهم أعداء الدولة الحاضرة للعصبية التي كانت نارها مشتدة بين أهل خراسان إذ ذاك ولهذا السبب أوصاه بالشدة على مضر فإنهم كانوا أصحاب الدولة.
واتصل بإبراهيم في تلك الأوقات شاب من نوابغ الشبان وذوي المقدرة والعزيمة وهو أبو مسلم الخراساني، وكانت الشيعة بخراسان في حاجة إلى مثله ليشرعوا في العمل بعد أن أمكنتهم الفرصة بما وقعت فيه الدولة الأموية من الخلاف وما يقع فيه عرب خراسان من الانشقاق فاختار إبراهيم أبا مسلم لتلك المهمة وكتب إلى أصحابه إني قد أمرته بأمري فاسمعوا منه واقبلوا قوله فإني قد أمرته على خراسان.
وإنما أمره بتقريب أهل اليمن لأنهم أعداء الدولة الحاضرة للعصبية التي كانت نارها مشتدة بين أهل خراسان إذ ذاك ولهذا السبب أوصاه بالشدة على مضر فإنهم كانوا أصحاب الدولة.
سار أبو مسلم يدبر الأمور، وبعد سنة تهيأ لزيارة الإمام ومعه عدد كبير من الدعاة ولما بلغ قومس أتاه كتاب من الإمام يقول فيه وإني قد بعثت إليك براية النصر فارجع من حيث ألقاك كتابي ووجه إلى قحطبة بما معك يوافني به في الموسم فعاد أبو مسلم إلى مرو مستعداً للعمل.
دور العمل:
نزل أبو مسلم بقرية من قرى مرو يقال لها سفيذنج وهناك بث دعاته في الناس ليجتمعوا إليه فانثال إليه الناس وكان ذلك في رمضان سنة129 ولخمس بقين منه عقد اللواء الذي بعث به الإمام ويدعى الظل على رمح طوله أربعة عشر ذراعاً وعقد الراية التي تدعى السحاب على رمح طوله ثلاثة عشر ذراعاً وهو يتلو قوله تعالى: {أذن للذين يقاتلون بأنهم ظلموا وإن اللَّه على نصرهم لقدير} ولبسوا السواد الذي جعل شعاراً للدولة العباسية وقدم على أبي مسلم الدعاة من أهل مرو بمن أجاب الدعوة.
كان أول ما فعله أبو مسلم أن أمر برم حصن سفيذنج وأقام به هو ومن معه ولما حضر عيد الفطر سنة129 أمر سليمان بن كثير أن يصلي به وبالشيعة ونصب له منبراً في العسكر.
كتب أبو مسلم إلى نصر بن سيار يقول له: أما بعد، فإن اللَّه تباركت أسماؤه وتعالى ذكره غير أقواماً في القرآن فقال: {وأقسموا بالله جهد أيمانهم لئن جاءهم نذير ليكونن أهدى من إحدى الأمم فلما جاءهم نذير ما زادهم إلا نفوراً، استكباراً في الأرض ومكر السيء ولا يحيق المكر السيء إلا بأهله فهل ينظرون إلا سنة الأولين فلن تجد لسنة اللَّه تبديلاً ولن تجد لسنة اللَّه تحويلا } فتعاظم نصر الكتاب ولا سيما أنه رأى أبا مسلم بدأ فيه بنفسه.
وكان جوابه أن وجه إلى أبي مسلم مولى له اسمه يزيد في خيل عظيمة فوجه إليه أبو مسلم مالك بن الهيثم الخزاعي فالتقوا بقرية تدعى آلين وكانت بين الفريقين موقعة انتهت بانتصار الشيعة وأسر يزيد رئيس جند نصر.
وفي أثناء ذلك كان أبو مسلم يرسل قواده فيستولون على البلاد من عمال نصر ولا يجدون مقاومة تذكر.
كان أول ما فعله أبو مسلم أن أمر برم حصن سفيذنج وأقام به هو ومن معه ولما حضر عيد الفطر سنة129 أمر سليمان بن كثير أن يصلي به وبالشيعة ونصب له منبراً في العسكر.
كتب أبو مسلم إلى نصر بن سيار يقول له: أما بعد، فإن اللَّه تباركت أسماؤه وتعالى ذكره غير أقواماً في القرآن فقال: {وأقسموا بالله جهد أيمانهم لئن جاءهم نذير ليكونن أهدى من إحدى الأمم فلما جاءهم نذير ما زادهم إلا نفوراً، استكباراً في الأرض ومكر السيء ولا يحيق المكر السيء إلا بأهله فهل ينظرون إلا سنة الأولين فلن تجد لسنة اللَّه تبديلاً ولن تجد لسنة اللَّه تحويلا } فتعاظم نصر الكتاب ولا سيما أنه رأى أبا مسلم بدأ فيه بنفسه.
وكان جوابه أن وجه إلى أبي مسلم مولى له اسمه يزيد في خيل عظيمة فوجه إليه أبو مسلم مالك بن الهيثم الخزاعي فالتقوا بقرية تدعى آلين وكانت بين الفريقين موقعة انتهت بانتصار الشيعة وأسر يزيد رئيس جند نصر.
وفي أثناء ذلك كان أبو مسلم يرسل قواده فيستولون على البلاد من عمال نصر ولا يجدون مقاومة تذكر.
ولما رأت ذلك ربيعة وعلمت شدة أمر أبي مسلم أرسلت إلى نصر تطلب منه الموادعة فأجاب إلى ذلك وتوادعوا سنة.
بلغ ذلك أبا مسلم فأرسل إلى ابن الكرمان يهيجه بأخذ الثأر فقال: إني ما صالحت نصراً وإنما صالحت شيبان وأنا لذلك كاره وأنا موتور ولا أدع قتاله فعاود القتال وأبى شيبان أن يعينه وقال لا يحل الغدر فأرسل ابن الكرماني إلى أبي مسلم يستنصره.
وهذا كل ما يريده فأرسل إليه إني معك على نصر فاشتد ذلك على نصر وكتب إلى أبي مسلم يلتمس منه أن يدخل مع نصر وبعثت إليه ربيعة بمثل ذلك.
بذلك ظفر أبو مسلم ظفراً عظيماً فإنه فرق كلمة العرب بعد أن كادت تجتمع عليه فقام من الماخوان في جمادى الأولى سنة130 يريد مرو وأرسل إليه ابن الكرماني أن أدخل حائط مرو من قبلك وأدخل أنا وعشيرتي من قبلي فأرسل إليه أبو مسلم أن لست آمن أن تجتمع يدك ويد نصر على حربي ولكن أدخل أنت فأنشب الحرب، فدخل ابن الكرماني وأنشب الحرب وأمر أبو مسلم أحد قواده بدخول مرو فدخلها وأعقبها أبو مسلم. دخل والقتال دائر بين الكرماني ونصر فأمر الفريقين أن يكفا وهو يتلو: {ودخل المدينة على حين غفلة من أهلها فوجد فيها رجلين يقتتلان هذا من شيعته وهذا من عدوه} . ومضى أبو مسلم حتى دخل دار الإمارة وهرب نصر مستخفياً.
صفت مرو لأبي مسلم وأمر أحد النقباء بأخذ البيعة على أهلها ونص البيعة: أبايعكم على كتاب اللَّه وسنة نبيه صلى اللَّه عليه وآله وسلم عليكم بذلك عهد اللَّه وميثاقه والطلاق والعتاق والمشي إلى بيت اللَّه الحرام وعلى ألا تسألوا رزقاً ولا طعماً حتى يبدأكم به ولاتكم وإن كان عدو تحت قدمه فلا تهيجوه إلا بأمر ولاتكم وأخذ أبو مسلم ثقات أصحاب نصر وصناديدهم فكتفهم وحبسهم ثم قتلهم.
أرسل بعد ذلك إلى شيبان الحروري يدعوه إلى بيعته فأبى وسار عن مرو إلى سرخس فوجه إليه أبو مسلم جنداً، فكانت هناك موقعة قتل فيها شيبان وعدد عظيم ممن معه.
بذلك ظفر أبو مسلم ظفراً عظيماً فإنه فرق كلمة العرب بعد أن كادت تجتمع عليه فقام من الماخوان في جمادى الأولى سنة130 يريد مرو وأرسل إليه ابن الكرماني أن أدخل حائط مرو من قبلك وأدخل أنا وعشيرتي من قبلي فأرسل إليه أبو مسلم أن لست آمن أن تجتمع يدك ويد نصر على حربي ولكن أدخل أنت فأنشب الحرب، فدخل ابن الكرماني وأنشب الحرب وأمر أبو مسلم أحد قواده بدخول مرو فدخلها وأعقبها أبو مسلم. دخل والقتال دائر بين الكرماني ونصر فأمر الفريقين أن يكفا وهو يتلو: {ودخل المدينة على حين غفلة من أهلها فوجد فيها رجلين يقتتلان هذا من شيعته وهذا من عدوه} . ومضى أبو مسلم حتى دخل دار الإمارة وهرب نصر مستخفياً.
صفت مرو لأبي مسلم وأمر أحد النقباء بأخذ البيعة على أهلها ونص البيعة: أبايعكم على كتاب اللَّه وسنة نبيه صلى اللَّه عليه وآله وسلم عليكم بذلك عهد اللَّه وميثاقه والطلاق والعتاق والمشي إلى بيت اللَّه الحرام وعلى ألا تسألوا رزقاً ولا طعماً حتى يبدأكم به ولاتكم وإن كان عدو تحت قدمه فلا تهيجوه إلا بأمر ولاتكم وأخذ أبو مسلم ثقات أصحاب نصر وصناديدهم فكتفهم وحبسهم ثم قتلهم.
أرسل بعد ذلك إلى شيبان الحروري يدعوه إلى بيعته فأبى وسار عن مرو إلى سرخس فوجه إليه أبو مسلم جنداً، فكانت هناك موقعة قتل فيها شيبان وعدد عظيم ممن معه.
وبعد نيل هذاالانتصار عمد إلى ابني الكرماني علي وعثمان اللذين ائتمناه على حياتهما فقتلهما وأكثر أصحابهما.
صفت خراسان كلها لأبي مسلم فبعث العمال إلى جميع الولايات وأمر أحد قواد قحطبة بن شبيب أن يتبع نصر ومعه لواء عقده له إبراهيم الإمام فسار وراءه من بلد إلى بلد حتى مرض نصر بالري ومات بساوة فأقبل قحطبة بجنوده واستولى على الري فتم للشيعة خراسان وبلاد الجبل ثم سير قحطبة ابنه الحسن فاستولى على همذان ومنها سار إلى نهاوند فحصرها ولحقه بها أبوه فاجتمعا عليها ثلاثة أشهر ثم فتحت وتلاها شهر زور الموصل.
صفت خراسان كلها لأبي مسلم فبعث العمال إلى جميع الولايات وأمر أحد قواد قحطبة بن شبيب أن يتبع نصر ومعه لواء عقده له إبراهيم الإمام فسار وراءه من بلد إلى بلد حتى مرض نصر بالري ومات بساوة فأقبل قحطبة بجنوده واستولى على الري فتم للشيعة خراسان وبلاد الجبل ثم سير قحطبة ابنه الحسن فاستولى على همذان ومنها سار إلى نهاوند فحصرها ولحقه بها أبوه فاجتمعا عليها ثلاثة أشهر ثم فتحت وتلاها شهر زور الموصل.
سار قحطبة بعد ذلك واغلاً في بلاد العراق فقصده ابن هبيرة أمير العراق من قبل مروان بن محمد وكان اجتماعهما غربي الفرات على نحو23 فرسخاً من الكوفة وقبل أن تقع بينهما الموقعة الكبرى مات قحطبة فولي إمرة الجيش ابنه الحسن وكان قحطبة قبل موته قد قال: إذا قدمتم الكوفة فوزير آل محمد أبو سلمة الخلال فسلموا الأمر إليه.
جرت أثناء ذلك وقائع انهزم فيها ابن هبيرة فسار منها حتى أتى واسطاً.
جرت أثناء ذلك وقائع انهزم فيها ابن هبيرة فسار منها حتى أتى واسطاً.
وقبل أن يدخل الحسن بن قحطبة الكوفة خرج منها محمد بن خالد القسري مسوداً فاستولى على قصرها ولم يكن قد علم بهلاك قحطبة فكتب إليه يعلمه فوصل الكتاب إلى ابنه الحسن فارتحل إلى الكوفة فدخلها في المحرم سنة132 وسلم الأمر لأبي سلمة الخلال فوجه الحسن إلى قتال ابن هبيرة بواسط وضم إليه قواداً.
ووجه حميد بن قحطبة إلى المدائن.
ووجه المسين بن زهير وخالد بن برمك إلى دير قنى.
وبعث المهلبي وشراحيل إلى عين التمر.
وبسام بن إبراهيم إلى الأهواز وخرج هو من الكوفة فعسكر عند حمام أعين على نحو ثلاثة فراسخ من الكوفة.
افتضاح الأمر:
مضت هذه المدة كلها وليس عند بني أمية علم بمن تدعو إليه الشيعة فإنهم كانوا يدعون إلى الرضا من آل محمد اللَّه صلى اللَّه عليه وسلم ولا يعلم السر إلا النقباء والدعاة أما العامة فمبلغ علمها أنها تدعى لرجل من آل البيت حتى وقع في يد مروان بن محمد كتاب لإبراهيم إلى أبي مسلم جواب كتاب لأبي مسلم يأمره فيه بقتل كل من يتكلم بالعربية بخراسان فأرسل مروان في الحال إلى عامله بدمشق يأمره بالكتاب إلى صاحبه بالبلقاء أن يسير الحميمة ويأخذ إبراهيم بن محمد يوجه به إليه ففعل العامل ما أمر به وقبض على إبراهيم ولما أحس إبراهيم بما يراد به نعى نفسه إلى أهل بيته وأوصى إلى أخيه أبي العباس وأمر أهله بالسير إلى الكوفة والسمع والطاعة لأبي العباس.
أما إبراهيم فحبس في سجن حران مع جماعة من أعداء مروان من بني أمية ولم يزل في سجنه حتى مات.
وأما أهل بيته فتجهزوا يريدون الكوفة حتى قدموها في صفر سنة132 ورئيس القوم وقائدهم أبو سلمة الخلال الذي كان يعرف في ذلك الوقت بوزير آل محمد فأنزلوهم في إحدى دور الكوفة وكتم أمرهم عن سائر القواد أربعين ليلة وكان لا يزال في معسكره بحمام أعين خارج الكوفة.
خرج أبو العباس يوم الجمعة13 ربيع الأول فصلى بالناس وكان في خطبته بعد حمد اللَّه والثناء عليه أن افتخر بقرابته من رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وسلم ثم ذكر الخلفاء الراشدين وأثنى عليهم ونعى على بني حرب وبني مروان أثرتهم وظلمهم ثم قال: وإني لأرجو ألا يأتيكم الجور من حيث أتاكم الخير ولا الفساد من حيث جاءكم الصلاح وما توفيقنا أهل البيت إلا باللَّه، يا أهل الكوفة أنتم محل محبتنا ومنزل مودتنا أنتم الذين لم تتغيروا عن علي ذلك ولم يثنكم عنه تحامل أهل الجور عليكم حتى أدركتم زمننا وأتاكم اللَّه بدولتنا فأنتم أسعد الناس بنا وأكرمهم علينا وقد زدتكم في أعطياتكم مائة درهم فاستعدوا فأنا السفاح المبيح والثائر المتيح وبهذه الجملة الأخيرة لقب السفاح.
بعد أن بلغوا هذا المبلغ بقي عليهم أن يقضوا على مروان بن محمد والقوة العظمى التي بالجزيرة وعلى ابن هبيرة والقوة التي معه بواسط.
كان مروان بحران معه قوة عظيمة ومنها سار حتى أتى الموصل فاختار أبو العباس من أهل بيته عمه عبد اللَّه بن علي ليكون قائداً للجنود التي اختيرت لحرب مروان.
وأما أهل بيته فتجهزوا يريدون الكوفة حتى قدموها في صفر سنة132 ورئيس القوم وقائدهم أبو سلمة الخلال الذي كان يعرف في ذلك الوقت بوزير آل محمد فأنزلوهم في إحدى دور الكوفة وكتم أمرهم عن سائر القواد أربعين ليلة وكان لا يزال في معسكره بحمام أعين خارج الكوفة.
خرج أبو العباس يوم الجمعة13 ربيع الأول فصلى بالناس وكان في خطبته بعد حمد اللَّه والثناء عليه أن افتخر بقرابته من رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وسلم ثم ذكر الخلفاء الراشدين وأثنى عليهم ونعى على بني حرب وبني مروان أثرتهم وظلمهم ثم قال: وإني لأرجو ألا يأتيكم الجور من حيث أتاكم الخير ولا الفساد من حيث جاءكم الصلاح وما توفيقنا أهل البيت إلا باللَّه، يا أهل الكوفة أنتم محل محبتنا ومنزل مودتنا أنتم الذين لم تتغيروا عن علي ذلك ولم يثنكم عنه تحامل أهل الجور عليكم حتى أدركتم زمننا وأتاكم اللَّه بدولتنا فأنتم أسعد الناس بنا وأكرمهم علينا وقد زدتكم في أعطياتكم مائة درهم فاستعدوا فأنا السفاح المبيح والثائر المتيح وبهذه الجملة الأخيرة لقب السفاح.
بعد أن بلغوا هذا المبلغ بقي عليهم أن يقضوا على مروان بن محمد والقوة العظمى التي بالجزيرة وعلى ابن هبيرة والقوة التي معه بواسط.
كان مروان بحران معه قوة عظيمة ومنها سار حتى أتى الموصل فاختار أبو العباس من أهل بيته عمه عبد اللَّه بن علي ليكون قائداً للجنود التي اختيرت لحرب مروان.
وكان ملتقى هذين الجيشين على نهر الزاب الأعلى وهو أحد روافد نهر دجلة يأتيها من الشرق وكانت الواقعة شديدة جداً انتهت بانتصار عبد اللَّه وجنده فهرب مروان واحتوى عبد اللَّه معسكره كله وذلك لإحدى عشرة خلون من جمادى الآخرة سنة132 وكان مع مروان من الجنود120 ألفاً من نخبة أهل الشام وخيرة جنودها.
انهزم مروان حتى أتى حران وعاملها ابن أخيه أبان بن يزيد بن محمد فأقام بها نيفاً وعشرين يوماً ولما دنا منه عبد اللَّه رحل عنها بأهله وولده وقدم عبد اللَّه فلقيه أبان مسوداً مبايعاً له ودخل في طاعته فأمنه ومن كان بحران والجزيرة.
مضى مروان حتى أتى قنسرين وعبد اللَّه يتبعه ثم مضى منها إلى حمص ثم أتى دمشق وعليها الوليد بن معاوية بن مروان فلما أحس باقتراب عبد اللَّه رحل عنها فجاءها عبد اللَّه ودخلها عنوة معترضاً أهلها وقتل الوليد بن معاوية أميرها فيمن قتل.
مر مروان بالأردن وفلسطين ومضى حتى أتى الفسطاط ومنها خرج إلى بوصير وهي قرية من مركز الواسطي ببني سويف.
أما عبد اللَّه بن علي فجاءه كتاب من أبي العباس يأمره أن يوجه صالح بن علي في ملاحقة مروان فسار صالح في ذي القعدة سنة132 وكان يسير على ساحل البحر والسفن حذاءه حتى وصل إلى مصر ومن هناك سار حتى أتى بوصير وهناك قتل مروان بن محمد لثلاث بقين من ذي الحجة سنة132 وبقتله انتهت دولة بني أمية من المشرق وتوطدت دعائم الدولة.
وأما يزيد بن عمير بن هبيرة فإنه لما انهزم من جيش خراسان أتى واسطاً وتحصن بها وكان مشيروه قد أشاروا عليه بأن يذهب إلى الكوفة فيقاتل حتى يقتل أو يظفر وحذروه واسطاً كيلا يصير في حصار وليس بعد الحصار إلا القتل فخالف تلك الشورى فسير أبو سلمة الجيوش تحت قيادة الحسن بن قحطبة فكانت بينهم وقائع ثم احتمى ابن هبيرة ومن معه بحصونهم.
مضى مروان حتى أتى قنسرين وعبد اللَّه يتبعه ثم مضى منها إلى حمص ثم أتى دمشق وعليها الوليد بن معاوية بن مروان فلما أحس باقتراب عبد اللَّه رحل عنها فجاءها عبد اللَّه ودخلها عنوة معترضاً أهلها وقتل الوليد بن معاوية أميرها فيمن قتل.
مر مروان بالأردن وفلسطين ومضى حتى أتى الفسطاط ومنها خرج إلى بوصير وهي قرية من مركز الواسطي ببني سويف.
أما عبد اللَّه بن علي فجاءه كتاب من أبي العباس يأمره أن يوجه صالح بن علي في ملاحقة مروان فسار صالح في ذي القعدة سنة132 وكان يسير على ساحل البحر والسفن حذاءه حتى وصل إلى مصر ومن هناك سار حتى أتى بوصير وهناك قتل مروان بن محمد لثلاث بقين من ذي الحجة سنة132 وبقتله انتهت دولة بني أمية من المشرق وتوطدت دعائم الدولة.
وأما يزيد بن عمير بن هبيرة فإنه لما انهزم من جيش خراسان أتى واسطاً وتحصن بها وكان مشيروه قد أشاروا عليه بأن يذهب إلى الكوفة فيقاتل حتى يقتل أو يظفر وحذروه واسطاً كيلا يصير في حصار وليس بعد الحصار إلا القتل فخالف تلك الشورى فسير أبو سلمة الجيوش تحت قيادة الحسن بن قحطبة فكانت بينهم وقائع ثم احتمى ابن هبيرة ومن معه بحصونهم.
ولما طال الأمر أرسل أبو العباس أخاه أبا جعفر على الجيش فاحتدم القتال بين الفريقين وظلوا هكذا أحد عشر شهراً. ولما أتى ابن هبيرة قتل مروان بن محمد طلب بمن معه الصلح وجرت السفراء بينه وبين أبي جعفر حتى جعل له أماناً وكتب به كتاباً مكث يشاور العلماء فيه أربعين ليلة حتى رضيه ابن هبيرة ثم أنفذه إلى أبي جعفر فأنفذه أبو جعفر إلى السفاح فأمر بإمضائه وكان رأي أبي جعفر الوفاء له بما أعطاه وكان السفاح لا يقطع أمراً دون أبي مسلم فكتب أبو مسلم إلى السفاح يقول له إن الطريق السهل إذا ألقيت فيه الحجارة فسد لا واللَّه لا يصلح طريق فيه ابن هبيرة.
ولما تم الكتاب خرج ابن هبيرة إلى أبي جعفر فدخل عليه وحادثه ساعة وبعد أيام أمر أبو جعفر بقتل ابن هبيرة ومداد الأمان لم يجف وقتل معه عدة من وجوه أصحابه.
ولما تم الكتاب خرج ابن هبيرة إلى أبي جعفر فدخل عليه وحادثه ساعة وبعد أيام أمر أبو جعفر بقتل ابن هبيرة ومداد الأمان لم يجف وقتل معه عدة من وجوه أصحابه.
قيام الدولة العباسية:
قامت الدولة العباسية ودخل في حوزتها هذا الملك الطويل العريض الذي وضع أساسه خارج جزيرة العرب أبو بكر خليفة رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وآله وسلم وشاد بنيانه أمير المؤمنين عمر بن الخطاب ومكن قواعده وزان جوانبه بنو أمية بن عبد شمس.