صيدا والدولة الطولونية والاخشيدية
صيدا في العصرين الطولوني والإخشيدي:
خضعت صيدا ومدن الساحل للطولونيين بحكم تبعيتها لدمشق، ومن المعروف أن ابن طولون اهتم بتحصين المدن الساحلية، وتشير المصادر العربية إلى أنه أحاط عكا بسور منيع وشد مينائها سلسلة لمنع السفن من اجتيازه على مثال السلسلة التي اشتهرت بها المهدية وصور والسلسلة التي أقامها صلاح الدين خليل بن عرام والي الإسكندرية في سنة 771 ه / 1369 م بعد غزوة القبارصة.
وفي متحف بيروت قطعة من الحجر نقش عليها بالخط الكوفي نص تاريخي مؤرخ سنة 284 ه يسجل إنشاء بناء لم نستطع تحديد نوعه بسبب الفراغات غير المقروءة في النص، ونطالع في النص المذكور ما يلي: أمير المؤمنين أطال الله بقاءه … كيم الله و… لا … بناه وأنفقه … سنة أربع وثمانين ومائتين … وأر…
وفي متحف بيروت أيضاً نقشان كتابيان على قطعتين من الحجر من مدينة صيدا يرجع تاريخهما إلى عهد الخليفة العباسي المعتضد بالله 279 – 289 ه ، ولكن ما تبقى عليهما من الكلمات لا يدل على عمل إنشائي بصيدا. ومن الملاحظ أن اسم الأمير الطولوني أبو العساكر جيش لم يذكر في النقش الكتابي الأول، كما أن اسم الأمير الطولوني هارون بن خمارويه لم يذكر في النصين الآخرين، ويرجع السبب في ذلك إلى خروج الشام عليهما.
ثم أصبحت بلاد الشام الجنوبية بما فيها دمشق وبعلبك ومدن الساحل: صور وصيدا وبيروت وطرابلس تابعة للبيت التركي الإخشيدي في مصر بعد أن حصل محمد بن طغج بن جف الإخشيد على تقليد من الخليفة المتقي بالله في سنة 333 ه بولاية مصر والشام وتوريث إمارتها لأبنائه من بعده، واستقر الوضع على هذا النحو في عصر الأسرة الإخشيدية، على الرغم من المشاكل التي أثارها الحمدانيون، والتي اقتضت من الإخشيديين أن يدفعوا لهم جزية سنوية.
وقد ازدهرت صيدا في هذا العصر في المجال العلمي والأدبي، فظهر من علمائها أبو طاهر بن ذكوان البعلبكي المؤدب نزيل صيدا ومحدثها ت 360 ه، والحافظ الصيداوي أبو الحسن محمد بن أحمد بن يحيى ابن جميع الغساني 305-406 ه / 917-1011م وكان قد رحل في طلب الحديث إلى مصر والعراق والجزيرة وفارس، وسمع فأكثر السماع، وجمع لنفسه معجماً لشيوخه سماه المسند، وأبو نصر علي بن الحسين ابن أحمد بن أبي سلمة الوراق الصيداوي، وعبد الغني بن سعيد الحافظ، وقد روي عن ابن جميع، وأبو عبد الله المحسن بن علي بن كوجك من أهل الأدب ت فيما يقرب من 394 ه، الذي أملى بصيدا حكايات مقطعة بعضها عن ابن خالويه، وكان يعقد الاجتماعات في محرس "غرق" بصيدا ويجلس في قبة نقشت عليها أشعار وأسماء من يحضر جلسته من أصحابه.
ولم تزودنا المصادر العربية بأي مادة تعيننا على تصور الحالة الاقتصادية والعمرانية في صيدا في هذه المرحلة من تاريخها الإسلامي، ولكننا نستنتج من وصف المقدسي البشاري ت 375 ه/ 985م أنها كانت مدينة عامرة حصينة وإن لم تكن تصل في الحصانة والمنعة إلى ما وصلت إليه مدينة صور التي وصفها ابن حوقل بقوله أنها من " أحصن الحصون التي على شط البحر عامرة خصبة" ، ويشير المقدسي إلى أنها " مدينة حصينة على البحر بل فيه، يدخل إليها من باب واحد على جسر واحد، قد أحاط البحر بها، ونصفها الداخل حيطان ثلاثة بلا أرض تدخل فيه المراكب كل ليلة، ثم تجر السلسلة", كما نستنتج مما أورده المقدسي عن اقتصاديات صور التي كانت تشترك مع صيدا في الإنتاج الزراعي والصناعي بحكم التاريخ المشترك وبحكم الجوار إلى حد أن اسمها اقترن كثيراً باسم صيدا، كما أن الصناعات التي عددها المقدسي كانت لها نظائر في صيدا، كالسكر والخرز والزجاج المخروط والمعمولات. أما السكر فلأن ناصر خسرو الذي زار صيدا في سنة 1047 م يؤكد توافر قصب السكر بها، وأما الزجاج فلأن صناعته من التقاليد الشعبية المحلية التي ارتبطت باسم صيدا في التاريخ القديم والوسيط.
خضعت صيدا ومدن الساحل للطولونيين بحكم تبعيتها لدمشق، ومن المعروف أن ابن طولون اهتم بتحصين المدن الساحلية، وتشير المصادر العربية إلى أنه أحاط عكا بسور منيع وشد مينائها سلسلة لمنع السفن من اجتيازه على مثال السلسلة التي اشتهرت بها المهدية وصور والسلسلة التي أقامها صلاح الدين خليل بن عرام والي الإسكندرية في سنة 771 ه / 1369 م بعد غزوة القبارصة.
وفي متحف بيروت قطعة من الحجر نقش عليها بالخط الكوفي نص تاريخي مؤرخ سنة 284 ه يسجل إنشاء بناء لم نستطع تحديد نوعه بسبب الفراغات غير المقروءة في النص، ونطالع في النص المذكور ما يلي: أمير المؤمنين أطال الله بقاءه … كيم الله و… لا … بناه وأنفقه … سنة أربع وثمانين ومائتين … وأر…
وفي متحف بيروت أيضاً نقشان كتابيان على قطعتين من الحجر من مدينة صيدا يرجع تاريخهما إلى عهد الخليفة العباسي المعتضد بالله 279 – 289 ه ، ولكن ما تبقى عليهما من الكلمات لا يدل على عمل إنشائي بصيدا. ومن الملاحظ أن اسم الأمير الطولوني أبو العساكر جيش لم يذكر في النقش الكتابي الأول، كما أن اسم الأمير الطولوني هارون بن خمارويه لم يذكر في النصين الآخرين، ويرجع السبب في ذلك إلى خروج الشام عليهما.
ثم أصبحت بلاد الشام الجنوبية بما فيها دمشق وبعلبك ومدن الساحل: صور وصيدا وبيروت وطرابلس تابعة للبيت التركي الإخشيدي في مصر بعد أن حصل محمد بن طغج بن جف الإخشيد على تقليد من الخليفة المتقي بالله في سنة 333 ه بولاية مصر والشام وتوريث إمارتها لأبنائه من بعده، واستقر الوضع على هذا النحو في عصر الأسرة الإخشيدية، على الرغم من المشاكل التي أثارها الحمدانيون، والتي اقتضت من الإخشيديين أن يدفعوا لهم جزية سنوية.
وقد ازدهرت صيدا في هذا العصر في المجال العلمي والأدبي، فظهر من علمائها أبو طاهر بن ذكوان البعلبكي المؤدب نزيل صيدا ومحدثها ت 360 ه، والحافظ الصيداوي أبو الحسن محمد بن أحمد بن يحيى ابن جميع الغساني 305-406 ه / 917-1011م وكان قد رحل في طلب الحديث إلى مصر والعراق والجزيرة وفارس، وسمع فأكثر السماع، وجمع لنفسه معجماً لشيوخه سماه المسند، وأبو نصر علي بن الحسين ابن أحمد بن أبي سلمة الوراق الصيداوي، وعبد الغني بن سعيد الحافظ، وقد روي عن ابن جميع، وأبو عبد الله المحسن بن علي بن كوجك من أهل الأدب ت فيما يقرب من 394 ه، الذي أملى بصيدا حكايات مقطعة بعضها عن ابن خالويه، وكان يعقد الاجتماعات في محرس "غرق" بصيدا ويجلس في قبة نقشت عليها أشعار وأسماء من يحضر جلسته من أصحابه.
ولم تزودنا المصادر العربية بأي مادة تعيننا على تصور الحالة الاقتصادية والعمرانية في صيدا في هذه المرحلة من تاريخها الإسلامي، ولكننا نستنتج من وصف المقدسي البشاري ت 375 ه/ 985م أنها كانت مدينة عامرة حصينة وإن لم تكن تصل في الحصانة والمنعة إلى ما وصلت إليه مدينة صور التي وصفها ابن حوقل بقوله أنها من " أحصن الحصون التي على شط البحر عامرة خصبة" ، ويشير المقدسي إلى أنها " مدينة حصينة على البحر بل فيه، يدخل إليها من باب واحد على جسر واحد، قد أحاط البحر بها، ونصفها الداخل حيطان ثلاثة بلا أرض تدخل فيه المراكب كل ليلة، ثم تجر السلسلة", كما نستنتج مما أورده المقدسي عن اقتصاديات صور التي كانت تشترك مع صيدا في الإنتاج الزراعي والصناعي بحكم التاريخ المشترك وبحكم الجوار إلى حد أن اسمها اقترن كثيراً باسم صيدا، كما أن الصناعات التي عددها المقدسي كانت لها نظائر في صيدا، كالسكر والخرز والزجاج المخروط والمعمولات. أما السكر فلأن ناصر خسرو الذي زار صيدا في سنة 1047 م يؤكد توافر قصب السكر بها، وأما الزجاج فلأن صناعته من التقاليد الشعبية المحلية التي ارتبطت باسم صيدا في التاريخ القديم والوسيط.