خلفاء بني العباس في مصر : المتوكل على الله الاول
المتوكل على الله محمد بن أبي بكر المعتضد بالله 763 - 808 هـ
هو محمد بن أبي بكر المعتضد بالله، يُكنّى بأبي عبدالله، ولي الخلافة بعهد من أبيه بعد موته في جمادى الأولى من عام 763، واستمرت أيامه مدة اثنتين وعشرين سنة خلع بعدها وتولى الخلافة اثنان من ابناء عمومته، وهما الواثق بالله بن الواثق بالله ابراهيم، وأخوه المستعصم بن الواثق بالله ابراهيم، ثم أعيد المتوكل على الله عام 791 وتولى أمر الخلافة مدة سبعة عشر عاماً أي كانت السنوات التي تولى فيها الخلافة تسعاً وثلاثين سنة.
وقد حدث في عهده خلع المنصور محمد عام 764 وتولية السلطنة إلى ابن عمه الأشرف شعبان بن حسين بن الناصر محمد بن قلاوون. وفي عام 767 استولى الفرنجة ومعهم ملك قبرص على الاسكندرية، وذلك أن الحروب الصليبية لم تنته بطرد الصليبيين من عكا عام 690 والانتهاء منهم من كل بلاد الشام أيام الأشرف صلاح الدين خليل بن المنصور قلاوون، ثم طردهم من جزيرة ارواد عام 702 أيام السلطان الناصر محمد بن قلاوون، وإنما استمرت الحروب الصليبية لأن كثيراً من الصليبيين قد لجؤوا إلى جزيرة قبرص بعد طردهم من بلاد الشام، واتخذوا هذه الجزيرة مستقراً لهم، وأخذوا يقومون بالإغارة على بلاد المسلمين كلما وجدوا الفرصة سانحةً لهم، وكانت أسرة لوزجنان التي حكمت الجزيرة في تلك الآونة تقوم بهذه المهمة، وقد تولى أمر هذه الأسرة وحكم الجزيرة عام 760 بطرس الأول، وقد زار غربي أوروبا، ودعا البابا وملوك أوروبا لمساعدته للقيام بحربٍ ضد المسلمين، فحصل على بعض التأييد وسار مع من جاءه من الصليبيين واحتلوا الاسكندرية.
وفي عام 778 قتل الأشرف شعبان، وسُلّمت السلطنة إلى ابنه المنصور علي فبقي في أمره حتى توفي عام 783، وتسلّم الأمر من بعده أخوه الصالح حاجي لمدة سنة فخلع بعدها، وأخذ الأمر السلطان الظاهر برقوق، وهو أول المماليك الجراكسة.
أما الخليفة المتوكل فقد أُمر بالخروج إلى مدينة قوص من قبل أمير العساكر أيبك البدري الذي جاء بزكريا بن الخليفة الواثق وأعطاه الخلافة دون بيعة ولا إجماع، فسافر الخليفة إلى قوص ثم رجع إلى بيته وبعد خمسة عشر يوماً عاد إلى الخلافة وازيح زكريا، ولم يستقر في مركز الخلافة سوى خمسة عشر يوماً وذلك في عشرين من شهر ربيع الأول من عام 779.
وفي عام 785 قبض السلطان برقوق على الخليفة المتوكل على الله وسجنه في قلعة الجبل، وخلعه من الخلافة، وبايع الخليفة محمد بن الواثق بالله ابراهيم، ولقّبه بلقب أبيه الواثق بالله، وبقي في الخلافة مدة ثلاث سنوات حيث توفي عام 788، وطلب الناس من السلطان برقوق إعادة المتوكل على الله فلم يقبل، وإنما طلب زكريا أخا الواثق والذي جلس على كرسي الخلافة مدة خمسة عشر يوماً بلا بيعة عام 779، وولاه الخلافة وأُطلق عليه اسم المستعصم بالله، وبقي بالخلافة حتى عام 791 حيث ندم السلطان برقوق على ما فعل، فأخرج المتوكل على الله من السجن، وأعاد إليه الخلافة، وخلع المستعصم بالله الذي لزم بيته حتى مات.
واستمر المتوكل على الله في الخلافة حتى عام 808 .
وفي شهر جمادى الآخرة من العام نفسه (791) قُبض على السلطان برقوق، وسُجن في الكرك، وأعيد السلطان الصالح حاجي إلى السلطنة فغيّر لقبه من الصالح إلى المنصور، ولكنه لم يمكث في السلطنة سوى ثمانية أشهر حيث أخرج السلطان الظاهر برقوق من السجن وأعيد إلى السلطنة وخلع المنصور حاجي في شهر صفر من عام 792، وانتهى عهد الأسرة القلاوونية بل انقضى حكم المماليك البحرية وجاء عهد المماليك الجراكسة.