الدولة العثمانية : السلطان مراد الاول

الشيخ عزالدين الكرجيه © البحوث والدراسات الإسلامية


السلطان مراد الأول ابن السلطان أورخان 761 - 791 هـ

لما جلس هذا السلطان على كرسي الدولة اتبع خطة والده في الفتوحات ففتح سنة 672 هـ قلعة أنقرة المعرفة بقلعة السلسلة وفي تلك المدّة سير أهل البنادقة على العثمانيين عمارة مؤلفة من ستين سفينة افترقت فرقتين تقدّمت إحداهما إلى قلعة كليبولي والأخرى دخلت جون المعارض وأخرجت كل منهما 10000جندي والتحق بهذا العدد بعض الأهالي ثم تقدّم الجميع وهاجموا العثمانيين الموجودين في الرومللي فتلقاهم الجيش العثماني بجنان ثابت وحمل عليهم حملة منكرة لم يمكنهم بها الثبات أمامه فارتدوا على أعقابهم عند الصدمة الأولى طالبين النجاة تاركين بميدان القتال عدداً عظيماً من القتلى والجرحى وقدراً وافراً من الذخائر.

وبعيد ذلك وسع السلطان دائرة أوجاق الانكشارية وبذلك تقوّت عسكريته ولم يكن للعثمانيين في هذا الوقت سفن حربية بل كان لهم بعض زوارق يستعملونها بداخل بحر مرمرا فزاد السلطان عدد تلك الزوارق 673هـ 1361 م لتساعد على نقل الجيش ومهماته ولما تم له ما أراد منها عبر بجيش إلى الرومللي وفتح جملة بلاد وقلاع منها بيطور و جورلي ومسللي وبرغوس وبرغاز وديمتوقه ثم فتح مدينة أدرنة العظيمة في هذه السنة أيضاً وعين عليها لالا شاهين باشا محافظاً وأرسل أورنوس بك لغزو كوملجنة وما يجاورها من البلاد الكائنة بالجهات الجنوبية من الرومللي.

ثم أخذ هذان القائدان في الغزو والفتوحات ففتح لالا شاهين باشا 765 هـ فلبه وزغره وما جاورها من البلاد وفتح أورنوس بك سيروزو مناستر وبهشتنة وكوملجنة وموشتة ولما تم فتحها جعلها السلطان صنجقية 788هـ وعين عليها أورنوس بك المذكور واليابرتبة أمير الأمراء ووقعت قبل ذلك مدينة صوفية أيضاً في يد العثمانيين بعد أن حاصروها مدّة ثلاث سنوات 1381-1383 م وعقب ذلك فتح الصدر الأعظم خير الدين باشا مدينة سلانيك الشهيرة وفي سنة 788 هـ 1386م أخضع السلطان بلاد مقدونيا و البانيا ولما مات في تلك الأثناء الوزير خير الدين باشا وجه مسند الوزارة لولده علي باشا قاضي العسكر.


واقعة قصوة:

وبينما كان السلطان يشتغل بهذه المسائل وغيرها من الأمور الداخلية عقد لازار ملك الصرب 790هـ 1389 م اتفاقية مع ملوك الأفلاق وأمراء دلماسيا وملك المجر وملك البلغار وتحزبوا جميعاً لمحاربة السلطان وطلبوا من البابا أوربانوس الخامس أن يحرض أوروبا النصرانية لمساعدتهم ثم تقابلت جيوشهم المتفقة في سنة ه م مع جيوش العثمانيين في سهول قوصوة (COSSOVA) وحصلت بين الطرفين معركة من أشهر معارك التاريخ انهزمت فيها جيوش المتحدين هزيمة كلية ومات في الواقعة لازار المذكور وكثير من أمراء وأعيان أوروبا، وبينما كان السلطان مراد يتجوّل بعد الواقعة مع حاشيته في ساحة الحرب قام من بين الموتى رجل بلغاري كان مستتراً وأظهر التضرع للسلطان وتقدّم نحوه كمن يريد تقبيل يده وفي أقل من لمح البصر أخرج خنجراً كان ستره بين ألبسته وطعن به السلطان مراد الأوّل في أحشائه فاستشهد لوقته وقبض الحاشية على ذلك الغدّار فقطعوه إرباً إرباً.

وقد كان هذا السلطان رحمه الله من أعظم الملوك همة وشجاعة محباً للفتوحات تمكن بمساعيه من مد حدود المملكة العثمانية إلى شواطئ نهر الطونة وجهات بوسنة ويقال إنه اشترى في سنة 783هـ من صاحب بلاد حميد خمس قلاع وهي بلواج ويكي شهر وآق شهر وقره أغاج وسيدي شهر.